الأحد، 8 مارس 2015

مأرب وأخواتها..!!  بقلم/أحمد عثمان 

مأرب ليست مدينة عادية؛ فهي التاريخ العريق والقيم العربية، مدينة السد وعاصمة مملكة اليمن الأولى كحضارة يتغنّى بها التاريخ قبل أن تعرف البشرية الحضارة والمدنية، وفي التاريخ الحديث مثّلت مأرب وما حولها الجوف والبيضاء المعروف اليوم بـ«إقليم سبأ» محوراً للمقاومة والثورة ضد الطغيان الإمامي وقبلة للحرية؛ خرج منها الشهيد القردعي وأحمد عبدربه العواضي وسلسلة من الرجال والمواقف التي دعمت ثورة الشعب والجمهورية، وفي حصار السبعين كان «إقليم سبأ» هو رأس الحربة الذي قام بفك الحصار بقيادة العواضي وأنقذوا الجمهورية.
وكالعادة تقوم مأرب والبيضاء والجوف بدورها، ويذهب الناس إلى اقتسام الغنائم وتسجيل مواقف ليست لهم؛ ويتم تجاهل هذه المناطق بصورة مقصودة ولئيمة، اليوم يمثّل هذا المثلّث البيضاء الجوف مأرب محور ارتكاز لتحقيق عملية توازن يحتاجها اليمن كلّه إلى بناء دولته والخروج من مستنقع الاستلاب واختطاف الدولة.
 مأرب الثروة التي تغذّي اليمن كلّها يُراد منها أن تكون خزانة ماء يعطش فيها الساقي, ولهذا ترى أن التنمية فيها منعدمة ولم تحظ بما حصلت عليها قرية عادية من قرى أصحاب النفوذ؛ بل صُرفت الأموال لنشر الثأر والفتن بين قبائلها بعيداً عن التنمية المستحقة، وهي لم تمُن على أحد ولم تدّعِ أن الثروة ثروتها وحدها، ولم تغضب ولم تنتقم؛ بل نهضت حين رأت أن الوطن يحتاجها لحماية الثروة والثورة باسم كل اليمنيين.
في مأرب لغة وطنية قويّة ومتزنة تتحدّث باسم الوطن كلّه، والمستمع إلى حديث محافظ مأرب «سلطان العرّادة» يعرف مدى الوعي والوطنية والجنوح إلى الحرية والحوار في آن واحد وكأنك لست أمام عقلية قبلية بل مدنية مثقّفة بامتياز، يتحدّثون باسم مأرب و«إقليم سبأ» كجزء من اليمن الكبير، يفتخرون بخدمة المشروع الوطني الذي يحلم به الشعب، يعترفون بالشرعية حفاظاً على اليمن وإرادة الشعب خلافاً لبعض الأجلاف الذين يتمرّدون على الشرعية والإجماع وهم يتحدّثون باسم أنفسهم وطموحاتهم باعتبارهم الشعب والدين والماضي والحاضر.
«إقليم سبأ» بعاصمته مأرب يتحدّث اليوم بلغة المستقبل وبمعيار القوّة الوطنية وبسبب ذلك يتعرّض لمؤامرة كبيرة وتُهم كاذبة بُغية التحريض عليه وضربه؛ لأنهم يعتبرون ضرب مأرب وأخواتها ضرباً للمشروع الوطني وكسراً للإرادة الشعبية؛ فهم لا يلتفتون إلى الإرادة الشعبية السلمية، ويعتبرون القوة القبلية في «إقليم سبأ» والمنحازة إلى الدولة والشرعية عائقاً أمام مشروعهم؛ وإخضاع الشعب اليمني الذي يتّجه نحو «إقليم سبأ» وعاصمته مأرب كمحور وطني يسهم في إنجاح الحوار وصناعة المستقبل وتحقيق عملية توازن لفرملة تهوّر القوّة الغاشمة التي مازال البعض يعتمد عليها توهّماً وتجاهلاً لما يجري في أوساط الشعب من حراك واعٍ يرفض الغلبة وفرض القوّة ويتّجه بقوّة نحو دولة لكل اليمنيين تحقّق الشراكة في الثروة والسُلطة على قاعدة المواطنة المتساوية.
ahmedothman6@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق