الخميس، 25 ديسمبر 2014

محمد عبده العبسي يخاطب جماعة الحوثي بالقرآن والقبيلة وقيم المدنية

لا أدري بماذا وكيف أخاطب الحوثيين واشك في جدوى ذلك أصلاً إنما سأحاول. 

1- بالقرآن الكريم:
في القرآن الذي تدّعون انتماء مسيرتكم إليه (!!!) المبدأ واضح، قطعي، وكلّي: "لا إكراه في الدين" فكيف يكون إكراهٌ في الحريات والحياة الشخصية؟ 
كيف يكون إكراهٌ في الحماية؟ 
(نحميكم بالصميل)؟
سيقول أحد القراء، وعنده الحقّ، وهل قال القرآن اقتحموا البيوت وتصوروا في غرف النوم وانهبوها أم قال لا تدخلوا البيوت إلا بأذن أهلها؟ وهل قال...إلخ

2- بالقبيلة وأعرافها وتقاليدها:
يقول اللسان الشعبي البسيط: الرجال تحبل بلسانها". عبدالملك الحوثي أثناء حصار صنعاء قال لا تصدقوا من يخوفونكم. ونحن لا نريد اسقاط الدولة وأن نحل محلها. لدينا ثلاثة مطالب شعبية فقط. الآن تناسلت المطالب الثلاثة وصارت ثلاثئمائة طلب: تجنيد توظيف، سيطرة على المدن، محاربة الدواعش، توسع، نهب معسكرات الجيش، إقالة محافظين، دولة داخل الدولة، لجان ثورية وشعبية.. إلخ

3- بالقيم المدنيّة الحديثة التي أؤمن بها شخصياً: 
نريد دولة لا مليشيات، وجحيم الدولة ولا نعيم المليشيات. أو كما قال اليمنيون الأوائل: "شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي".

باختصار هناك عقد اجتماعي تُبنى على أساسه ووفق محدداته وقوانينه والعلاقات فيما بين مكوناته الدول والمجتمعات. ما تقومون به يقوّض هذا العقد الاجتماعي وينسفه بذات قدرة متفجراتكم على نسف بيوت الخصوم.

تنويه صغير: 
دخول الحوثيين إلى تعز وسيطرتهم عليها في حال حدث، ولا أستبعده، في ظل الرئيس الغيبوبة والحكومة الإشاعة، و"هوارة" السيد ومليشياته وسلوكها التوسعي المستميت في تقويض ما تبقى من جثة "الدولة" والحيلولة محل مؤسساتها، وفي حال حدوث ذلك فإن الأمر لن يشكل اي فرق بالنسبة لي. فلا فرق لديّ بين عمران، أو تعز أو صنعاء، وان كان ثمة فروق. أنا مع القانون. أنامع الدولة الضعيفة والعاجزة وإصلاحها من الداخل وليس تجريدها من وظائفها وإضعافها أكثر بحجة فساد القائمين عليها، وهم كذلك. 

بمعنى أن رفضي لإسقاط تعز في قبضة الحوثيين كمليشيات مسلحة، ليس لأنها تعز ولا لأنها آخر القلاع الصامدة، بل لأنه وضع مرفوض، مقوض للدولة الضعيفة، والأخطر أنه محفز للجملة المذهبية والمناطقية بدلاً عن السياسية، في تعز كما في الحديدة كما في صنعاء. فقط تختلف درجات الحساسية، وتباين مستويات التقبل والسخط.

والأهم إن صنعاء، رغم المجهود الطيب الذي يقوم العديد من شبان الحارة تحت مسمى الحماية، إلا أن الوضع الأمني ازداد سوءاً وتردياً، عما كان عليه، قبل أن يتولى أمن صنعاء الحوثيون. وهل سبق من قبل أن استيقظت صنعاء على خمسة انفجارات في يوم واحد؟ وهل شهدت صنعاء قبل سبتمبر 2014م أو قبل فبراير 2011م ثلاث سيارات مفخخة في شهر واحد. 

تواضعوا قليلاً وحاولوا تقدير مخاطر درب الجحيم العراقي الذي تسلكونه وتكادون تجرون البلد إليه.

الأحد، 14 ديسمبر 2014

مأرب وأبواق الكذب

 مأرب وأبواق الكذب
علي الغليسي
يبدو أن بقاء محافظة مأرب خارج دائرة الصراعات المسلحة لا يروق لكثير من الساسة وتجار الحروب ومهندسي الخراب ; فلجأوا إلى صناعة الكذب ونشر الإشاعات وتلفيق الأخبار على مدار الساعة بغرض رفع حدة الاحتقان والدفع باتجاه إدخال مصدر النفط والطاقة الكهربائية في دوامة النزاعات وموجة من أعمال العنف التي قد لا يحمد عقباها.
..التحريض الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام الحوثية والمؤتمرية ضد محافظة مأرب هذه الأيام أمر ليس جديدا,فقد عانت حاضرة سبأ منذ عشرات السنين من حملات تشويه من خلال إلصاق كل ما هو قبيح بأحفاد بلقيس وورثة حضارتها الرائدة, وتم العمل بشكل مدروس منذ زمن على خلخلة القيم المجتمعية بكل الوسائل والتوغل في الأوساط الاجتماعية لاستقطاب بعض ضعفاء النفوس لتنفيذ أجندتهم الدنيئة والخبيثة.
تمارس فضائيات وصحف ومواقع المؤتمر والحوثي هذه الأيام الكذب دون حياء وتسوق الافتراءات ضد مأرب وأبنائها بشكل سافر بعيد كل البعد عن أخلاقيات الصحافة, ولا تستحي من الحديث عنهم على مدار الساعة بأنهم قاعدة ومخربون وقطاع طرق وغيرها من الأوصاف التي تقوم بتعميمها على أبناء هذه المحافظة المعطاءة.
يبحث الحوثي من خلال تلك الحملة الإعلامية المصاحبة للتمدد والتوسع المتواصل لجماعته المسلحة عن ذرائع تلائم طموحاته التوسعية,وتعزف تلك الوسائل على وتر الأذى الذي لحق بأبناء اليمن جراء ممارسات بعض المأجورين واستهدافهم للمصالح العامة,ويتم الحشد إعلاميا لتقديم مسلحي الحوثي على أنهم من سينقذ اليمن من ممارسات أولئك المأجورين وأن لديهم القدرة على تأمين أنابيب النفط وأبراج الكهرباء,دون أن يكلفوا أنفسهم عناء ذكر الدولة ومسئولياتها حيال ذلك الأمر,في ظل وجود عدد كبير من المعسكرات والوحدات الأمنية ,ناهيكم عن تحليل واستعراض أسماء المخربين وانتماءاتهم ومن يقف وراء تمويل عملياتهم التخريبية وأهدافها الخفية قبل المعلنة, وغيرها من المسائل التي تؤكد تورط الحوثي وحلفائه في دعم المخربين بشكل مباشر أو غير مباشر.
يسعى الإعلام الحوثي والمؤتمري أيضاً إلى إلصاق تهمة القاعدة بأبناء محافظة مأرب من خلال تقارير تلفزيونية وصحفية (وبالذات في حق قبائل عبيدة والأشراف المتواجدين حاليا في نخلاء والسحيل)..وذلك الأمر ليس وليد اللحظة حيث كان الرئيس السابق يعمل بكل الوسائل وفي كافة الإتجاهات على إلصاق تلك التهمة من أجل جلب الدعم الخارجي, بالرغم من معرفته التامة بأن عناصر القاعدة تعتبر محافظة مأرب نقطةعبور لا أكثر ! كون طبيعتها الصحراوية المفتوحة لا تتطابق مع مواصفات الملاذات الآمنةالتي تبحث عنها تلك العناصر بالإضافة إلى الموقف  القبلي الموحد والرافض لتواجد القاعدة في أراضيها , فقد ساندت القبائل في العام 2002م حملة عسكرية لطردبعض العناصر التي حاولت الاستقرار بالمحافظة , كما أن هناك اتفاقات قبلية تقضي بالبراءة وإهدار دم أي شخص يتعاون مع القاعدة أو يؤوي عناصرها أو يتستر عليهم والجميع ملتزمون بها..ومن المهم الإشارة إلى آخر مواجهات مسلحة خاضتها القبائل في العام 2013م رفضا لمرور القاعدة من أراضيها,  وقدم (آل معيلي) من خيرةالرجال وعشرات المصابين بعضهم لازال يتلقى العلاج حتى اليوم على نفقته الخاصة.
أثق جيدا بموقف أبناء مأرب الواحد والمتجدد ضد التخريب والتنظيمات الإرهابية لكنهم لن يقوموا مقام الدولة في الحرب على الإرهاب وردع المخربين وملاحقة أي عناصر خارجة عن القانون , لما لذلك الأمر من تداعيات سلبية من شأنها ضرب السلم الإجتماعي في الصميم ,وسيفتح الباب واسعا أمام نزاعات ستثقل كاهل الأجيال بثأرات قبلية بالإمكان تجنبها من خلال تفعيل دور مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية.
ما ينبغي التأكيد عليه هو أن قبائل حاضرة سبأ لا يحتاجون إلى من يأتي ليعلمهم السلم والشراكة والتعايش لأنها ثقافة أصيلة عندهم ورثوها عن ملكة سبأ التي ذكر القرآن الكريم عظمة عرشها ورجاحة عقلها وفراستها المدهشة , كما أنهم يعرفون يقينا أنهم سند الوطن الحقيقي في الشدائد والأزمات حتى وإن كانت مأرب أرضا وإنسانا في أدنى سلم اهتمامات الدولة ومؤسساتها المختلفة وفي مرمى نيران الاتهامات والتشويه والتشهير الرسمي والشعبي بالتوازي مع حالة الحرمان وقسوة التهميش وعذابات العقود العجاف.