الخميس، 13 ديسمبر 2012

مأرب .. لا صوت يعلو فوق صوت القصف


مأرب .. لا صوت يعلو فوق صوت القصف

الأربعاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2012 الساعة 05 مساءً - مأرب برس - علي الغليسي 
منزل لمدنيين ابرياء طالهم القصف

لا يمكن فهم الوضع الحالي بشكل سليم، وتفسير ما تشهده مأرب الآن يزداد صعوبة... كلما استتب الأمن واتسع الهدوء، كلما يتعقد أكثر عندما تنفجر أنابيب النفط أو تندلع مواجهات مسلحة كما يحدث هذه الأيام.
كانت الأحداث التي شهدتها منطقة وادي عبيدة يوم السبت الماضي والتي راح ضحيتها 17جندياً من أفراد القوات المسلحة و14 جريحاً هي الأشرس بكل المقاييس.. الرصاصة الأولى التي بددت الهدوء السائد في المنطقة منذ عامين تقريباً انطلقت من فوهات بنادق عناصر تنتمي إلى تنظيم القاعدة في مفرق الضمين بالوادي وأودت بحياة أركان حرب المنطقة الوسطى ناصر مهدي فريد ورئيس شعبة التسليح ليخوض الجيش معركة برية وجوية ضد تلك العناصر لا زالت مستمرة حتى كتابة هذا الخبر مساء الثلاثاء.
بالطبع..فإن مهمة الحملة العسكرية كانت إصلاح أنابيب النفط في منطقة الدماشقة بالوادي ، غير أن نيران القاعدة خلطت الأوراق ، وصار أبناء قبائل عبيدة بين فكي كماشة وأنياب كلها قاسية وحادة ، الجيش والقاعدة، الدولة والمخربين، وكلما أصرت السلطات على الحل العسكري ضد تلك الفئات ارتفع منسوب الخوف والقلق لدى السكان في تلك المناطق،لكن مشائخ القبائل لم يتخذوا موقفاً محدداً حتى اللحظة.
يبدو أن القاعدة سعت من خلال تلك العملية إلى العودة إلى واجهة الأحداث واستعراض مهارتها العسكرية بعد انتكاستها في أبين قبل عدة شهور ، وتبتدع في ذلك السياق أساليب جديدة مع التنويع بشكل مستمر(اشتباكات مع مواقع عسكرية ،قنص ضباط وجنود، كمائن لقيادات بارزة) وذلك بما يضمن لها الخروج بكثير من المكاسب ، منها بث رسالة إلى الرأي العام مفادها:نحن هنا!!..وبهكذا استراتيجية ينطبع في أذهان الناس احتفاظ القاعدة بقوتها وحضورها بقوة في المناطق التي تتواجد فيها.
منذ مساء الأحد الماضي لجأت قوات الجيش إلى استخدام الطيران والضرب بالمدفعية لقصف أهداف معينة غير أن الإحداثيات الخاطئة والمعلومات المضللة التي اعتمدت عليها الأجهزة العسكرية طالت أرواح ومنازل ومزارع مدنيين وأبرياء حيث بلغ تعداد ضحايا تلك الغارات سبعة قتلى بينهم إمرأة وجرح 12شخص بينهم سبعة أطفالوقد بعث محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة بتحكيماً قبلياً لأهالي الضحايا.
تلك الأخطاء العسكرية تم استغلالها من عدة أطراف تسعى لتوظيف سلبيات السلطة وابتكرت وسائل عديدة لتأليب الرأي العام ضد أخطاء الطرف الرسمي، بالتوازي مع ارتباك الإدارةالعسكرية العليا في طريقة التعامل الصائب مع ملف مأرب الأمني ، حيث أدى ارتكاب تلك الغلطات الفظيعة، إلى توسيع الهوة بين المواطن والدولة وأربكت رمانة الثقة حد الاهتزاز.
المواقف التي صدرت حيال تلك الغارات الجوية والخسائر البشرية الفادحة ركزت على محوري الجيش والقبائل حيث قال شباب الثورة في بيان صدر عنهم الاثنين الماضي أن ما يجري في المحافظة من أحداث يقف ورائها المخلوع وقادة الجيش ، مشيرين إلى أن استمرار بقايا العائلة على رأس قيادة الجيش عمل مشجع للمخربين... بينما دان تحالف قبائل مأرب والجوف "العملية الارهابية" التي استهدفت اركان حرب المنطقة الوسطى ومرافقيه ، واستهداف المنشآت العامة ومساكن المواطنين، وأكد التحالف في بيان له،على أن أبناء محافظة مارب يرفضون استهداف المصالح العامة والجيش ويرفضون استهداف مساكن المواطنين، ودعا التحالف إلى سرعة تشكيل لجنة عسكرية للنزول لمأرب برئاسة اللواء علي صلاح بحكم خبرته بالمنطقة وأن ترفد هذه اللجنة بلجنة وساطة قبلية للمساعدة في احتواء ما يحدث..وحذر التحالف مما وصفه "مخطط لجر محافظة مأرب إلى مربع العنف" داعياً الحكومة لحماية المنشآت النفطية والغازية بشكل عاجل للتصدي للمخاطر المحتملة.
كما نفذ ناشطون شباب من أبناء محافظة مأرب صباح أمس الثلاثاء وقفة أمام رئاسة مجلس الوزراء بصنعاء، للتنديد بقصف مساكن مدنيين أبرياء بمنطقة الوادي ، واستنكاراً للأعمال التخريبية التي تستهدف المصالح العامة.
وأوضح الناشط أحمد الروقي أن شعار الوقفة "وجئتك من سبأ بنبأ يقين" لايصال رسالة شباب وأبناء مأرب الى الحكومة في اجتماعها الاسبوعي للتنديد بكل عمل يستهدف أرواح الابرياء او قصف المساكن والسكان ، والتبرؤ من كل عمل إجرامي لا ينتمي الي قيم ابناء المحافظة.
يمكن القول أن قبائل عبيدة مطالبة بوضع حد لتحركات العناصر الإرهابية والمخربين وتنقلاتهم في ديارهم ولا طريق آخر يكفل إخراج مأرب من مستنقع الدم وإنقاذ البلاد من أزمة تكبر فداحة أضرارها الجسيمة كلما استمر إهمالها أو تركها سوقاً لخدمة نزعات معينة تثمر مكاسب آنية مقابل خسائر وطنية لا يمكن تعويضها على المدى القصير...شياطين القتل وتجار الحروب وحدهم المرابطون عند أسوار المقابر وخزائن العبث بأرواح الأبرياء وعلى الجميع الكف عن خدمة نزواتهم.
لا صوت في وادي عبيدة هذه الأيام يعلو فوق صوت القصف ،غير أن الواقع الراهن لم يعد يحتمل مزيداً من المآسي الإنسانية، صار الحل هو المطلب، وأصبحت وزارة الدفاع مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالاستماع بعناية لتوصيات السلطة المحلية ، كما أن بقاء المعالجات المطروحة حالياً رهينة إجراءات روتينية وحلول تم تجريبها في فترات سابقة يتحكم فيها عنصر التربص رغبة في إفشال خطوات الاستقرار.. سيظل المشهد وفقاً لذلك مغلفا بالضبابية تستحضر فيه صوراً متضاربة التفاصيل من نماذج التيه التي تفرض ظلالاً كئيبة على ساحة معجونة برماد البارود وطحين الجماجم.
محافظة مأرب ما إن تحظى بهدوء نسبي في فترات معينة حتى تأتي التداعيات أسوأ مما كان يخشاه أكثر المتابعين تشاؤماً وتتحكم الأعمال التخريبية والإرهابية في عملية المد والجزر التي تطال ترمومتر السكينة العامة لمحافظة غريبة الأطوار ، هي أحوج ما تكون إلى الهدوء والسكينة والسير باتجاه الحصول على تنمية حقيقية مستدامة والتخلص من مسلسل الحرمان، وأي أخطاء جديدة من شأنها إضافة أحزمة ناسفة جديدة إلى صفوف القاعدة وانضمام عمالقة جدد للتخريب والدمار، وقد تتحول المحافظة إلى حقل مفخخ بالعبوات الناسفة مع خروج الوضع عن السيطرة ، ولن ينحصر الضرر على مأرب فقط بل ستعم كافة محافظات الجمهورية .
أسماء القتلى المدنيين ضحايا الغارات الجوية
عبدالله محمد المصري العقيلي   85عاماً              
على ناصر الراشدي   80 عاماً                  
حمدة علي حسن ركنة
عسكر الحر                                          
صالح بن علي ناصر شنيتر
محمد بن علي ناجي معيلي                            
*المصدر - صحيفة "مأرب برس".

نصف عام من قيادة سلطان العرادة .. مأرب .. بين آلام الشدة وآمال الرخاء

نصف عام من قيادة سلطان العرادة .. مأرب .. بين آلام الشدة وآمال الرخاء 
بقلم/ علي الغليسي 
نشر منذ: شهرين و 11 يوماً - الثلاثاء 02 أكتوبر-تشرين الأول 2012 10:13 م
نصف قرن من عمر ثورة سبتمبر.. ونصف عام من عمر الشيخ / سلطان العرادة كمحافظ لمأرب.. ما الذي تعنية لأبناء محافظة مأرب؟ .. حكاية عقود استحضار الآلآم ، وأشهر انتعاش الآمال .. لن ننقب في تفاصيل الحرمان الذي طال مأرب بفعل سياسات الأنظمة التي تعاقبت على إدارة البلاد ،ولا داعي لتقليب صفحات كتاب الجروح .. من رحم الألم والمعاناة تولد الإنجازات.. وبالتصميم والإرادة يتحقق المستحيل.. الحاضر يطل بثوب مغاير.. وأنامل الجميع من كافة الأطياف السياسية والقبلية تعزف سيمفونيات الفرح لترسم البسمة على وجوه ضاعت ملامحها وسط زحام الفساد والاستبداد .
إنها " مأرب " دفعت باليمن السعيد إلى عمق الحضارات القديمة.. رسمت بريشة الإنسان العملاق اسم "السعيدة" وسط خارطة التاريخ لمزاحمة البابليين والأشوريين والإغريق.. هي صلصال الفكر الأولى، ومهبط الاستثناء الدائم.. شعاع أمل متجدد وفرحة متدفقة بامتداد الوطن.
مأرب .. أكاديمية عشق .. وكتاب من ذاكرة الوقت .. يتوهج الحرف في تتبع تاريخها.. وتتوالد الجمل والحكايات في سرد مناقبها .. نغمات متعة .. ومحطات إثارة .. مهوى القلوب وعشق الأزمنة .. هي محافظة الثروة والحرمان فيها سيد الموقف .
مأرب اليوم .. التاريخ والأصالة ، الإسم الذي يربط الماضي بالحاضر ، مكاناً وزماناً ، تألقاً وجمالاً ، تمنح المحبين لـ " أرض الجنتين " ومضات من إشراقات التاريخ والجغرافيا.. هي الآن تلبس حلة جديدة ، تكتسي ثوب الأماني والمستقبل المشرق ، تدشن انطلاقة جديدة بأساليب متجددة تقفز فوق العوائق وتكسر الحواجز ولا تلتفت إلى الوراء إلا للمراجعة والتقييم .
6/إبريل ..بداية العهد الجديد
السادس من إبريل 2012م تاريخاً استثنائياً سطرته أنامل رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي بتعيينه الشيخ / سلطان العرادة محافظاً لمحافظة مأرب ، الرجل الذي يتفق عليه الجميع ، ولا يستطيع أن يشكك بأحقيته بذلك المنصب،فهو بعيد عن لغة المهاترات ،يعشق " مأرب " بلا حدود ، ويعيش همومها بكافة جوارحه ، هو الجسور المقدام وصاحب السجل النظيف والمشرق نزاهة وشرفاً، قامة بارزة ومسيرة حياة حافلة بالتجارب ومعاصرة الأحداث والمشاركة في صنع التغييرات ورسم مسار تفاعلات الخارطة السياسية والاجتماعية.
عقب صدور ذلك القرار الجمهوري ومباشرة المحافظ الجديد مهام عمله، كتب أبناء مأرب صيغة فريدة للوفاق الوطني بعيداً عن استجواب الشقاق وسرد تفاصيل الصراعات ..الأطياف السياسية والقبلية أكدت مؤازرتها للمحافظ العراده.. الجميع كان يبحث عن إمكانية النهوض بـ"مأرب" وتجاوز تراكمات المراحل السلبية.. منذ الوهلة الأولى لتدشين المرحلة الانتقالية تمت إعادة بناء التفكير الجمعي، وتحديد رؤية واضحة لا تخرج عن مسار "التنمية أولاً" وشرع الكل في تحويل مشاعر الاستياء والسخط إلى مظاهر إلتزام جماعي بالعمل من أجل فتح ثقوب الفرج على جدار الحلموإخراج أحلام المقهورين إلى حيز الوجود.
منظومة المجتمع المأربي متماسكة .. وهي خلية نحل تعمل ليل نهار من أجل الأفضل .. فالطموح لا يتوقف .. وبنك الأهداف المخطط لها لا تنتهي .. والرجال المخلصون في هذه المحافظة معين لا ينضب .. همهم انتعاش المحافظة ومغادرتها غرفة الانعاش!!...ميزة أبناء مأرب أنهم ينسفون الإحباط الذي يحاول أن يتطفل عليهم ، والنزاع الذي قد يؤثر على إخلاصهم لمحافظتهم.. ولا يسمحون لأي توغل في محيطهم لأي شيء من ذلك القبيل.. إنهم بحق يمتلكون ثقافة التعاون والقفز فوق النزاعات !!
ومن يتعامل بهذا الرقي في التعامل مع متطلبات المرحلة ، حتماً سيعانق القمة ،حتى وإن كان زمن ولادة البناء في بدايته ، وزمن عنفوان للتنمية للتو طرق الأبواب ،فالطموحات في طريقها لملامسة الواقع.. من يمتلك رؤية صائبة ولديه مشروع متكامل يحصد الهدف بسهولة.. الإرادة هي التي تنتصر في الأخير.. لن تقف رياح المتاعب وعواصف التخريب عائقاً أمام طموح أبناء مأرب إذا ما تواصلصمودهم في وجع عراقيل البناء دون يأس أو تراجع ، فإصرار المتحاملين على جروحهم والغاضبين من واقعهم المرير ستكون سنداً حقيقياً للغايات النبيلة التي تضحى بالمصالح الشخصية من أجل المصلحة العامة.
كيف يمكن إنجاز ما هو محل إعجاز؟
النهوض بعد السقوط .. تحتله دوافع وطموحات لا تخضع لمعايير منظورة .. ومحافظ مأرب الحالي أكد هذه النظرية .. خلع رداء الأمر الواقع.. وانتفض شاهرا تحديه للعراقيل والصعوبات ..وقدم نموذجاً حياً للقائد الذي يقفز فوق الأشواك .. ويحول دربه من السير على الأشواك .. إلى درب جديد مفروش بالورود نتيجة وجود رؤية ومشروع ..!!
الشيخ / سلطان العرادة المنفتح على الكل والمتحرر من عقد الأيديولوجيات والمتحلل من عصبوية الانتماءات المناطقية والقبلية، يمكن وصفه بالأسرع نمواً ، والأكثر إنجازاً بشهادة من يراقب ويتابع خطواته أولاً بأول، ويقرأ على الدوام تفكيره من واقع تحركاته.. نصف عام فقط احتاجهلتحديد أولويات التنمية والتغلب على المعوقات القائمة..إذ تمكن من الوصول إلى حيث لم يصل غيره شاقاً الطريق الصعبة بقدرة خارقة عجز عنها من عملوا قبله.. إنه داهية وذكي وسياسي محنك، فمعرفته بالمجتمع المأربي ساعدته على فهم طرق التعامل حيث نجح في الاستفادة من القبائل،مواصلاً دربه بالانفتاح على الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمكونات الشبابية.. وسرعان ما كسب هذه الفئات المشكلة للقوى الرئيسية ليحصد ثقة أبناء المحافظة ف ي قدرة الرجل على إنجاز ما هو محل إعجاز.. دهاء العرادة يتضح من تكوينه علاقات ودية مع جميع الأقطاب وروابط متبادلة مع كل الأضداد وعلاقة تواصل مع كافة التكوينات.. ليغدو مركزاً مسؤولاً وكلمة مسموعة عند الجميع.. إنه شخصية قوية ورجل قوي قادر على انتزاع الفريسة من مخالب الوحوش.
العرادة يعمل بعيداً عن الأنظار ويراقب الأحداث وتفاعلاتها بعيون ترى ما وراء الظاهر وتستكشف البعيد غير المنظور، ولكنه بالرغم من قائمة إنجازاته الطويلة في الزمن الوجيز مظلوم إعلامياً ، فوسائل الإعلام التي دأبت على إبراز صورة مأرب عند كل انقطاع للكهرباء أو النفط أو الغاز ، تجاهلت عرض الصورة الأخرى بعد أن تم توفير تلك الأشياء واستمراريتها لكل المحافظات، وغضت الطرف عن تقدير تلكالجهود المضنية والعمل الدؤوب لقيادة المحافظة .
لست مطبلاً لهذا العرادة الرائع .. ولكن إنجازاته تجبرك على تغليف حروفك بمحبرة الإعجاب .. وترتيب مفرداتك لتوازي نجاحاته.. وإطلاق جملك لتحيط جهوده بأسوار الاحترام والتقدير ..!! وذلك لا يعني أن العرادة يمكن له البقاء فوق النقد أو بمنأى عن أقلام الصحافة وعيون الإعلام.
التنمية.. إنقاذ الحاضر والتخطيط للمستقبل
يدرك كل من يتابع مسيرة العرادة أو يرصد تحركاته ولقاءاته حجم الأعباء الملقاة على عاتقة ، والتحديات التي يواجهها ، والتركة الثقيلة التي خلفتها عقود الحرمان وسنوات البؤس والإقصاء والتهميش .. وبالرغم من كل ذلك يحرص أن يكون واضحاً في تعاملاته بعيداً عن السطحية ، ويسعى للإسراع في الإنجاز بعيداً عن المعالجات الوقتية والحلول الترقيعية لقضية من القضايا ، مع امتلاكه شجاعة عدم الاختفاء وراء طبل البلاغة الفارغة.
يعتبر الشيخ / سلطان العرادة أن المحافظة بحاجة إلى تنمية الإنسان باعتباره غاية التنمية ووسيلتها، ويقول: نحن لا نمتلك عصا سحرية ولا نستطيع في يوم وليلة أن نحقق ما نطمح إليه لكن الألف ميل يبدأ بخطوة إذا وضعنا الخطط السليمة، ويؤكد:منذ وصولي ركزت على إدارة التخطيط لان التخطيط طريق إلى الوصول إلى الأهداف وان تكون الخطط مبنية على أسس علمية والأعمال الارتجالية تؤدي إلى انتكاسة وبهذا نضع أنفسنا أمام مستقبل لا يليق بنا.
حديث المحافظ بمثابة الخطوط العريضة لبرنامجه المستقبلي التي يضاف إليها ما جاء في خطابه بمهرجان الوحدة الذي أقيم في يونيو الماضي حيث وتعهد العرادة بالسعي الجاد لإحداث تنمية شاملة لجميع مديريات المحافظة دون استثناء وفقا للقدرات والموارد المحلية والمركزية المتاحة، وبعيدا عن التأثيرات الحزبية والقبلية، داعيا الجميع إلى أن يكونوا عونا له في أداء مهامه، واستغلال فرصة اهتمام وتوجيه القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية، الذى أبدى تفهمه لأوضاع محافظة مأرب الاستثنائية، واستعداده لدعم مشاريع التنمية، نظرا لما يعرف عن المحافظة من الحرمان والمشكلات التي تسببت في أعاقة تنفيذ عدد من المشاريع التي كانت معتمدة في سنوات سابقة ولم تنفذ.
يمكن القول أن المرحلة التي يقودها العرادة في مأرب تعتبر من أصعب المراحل، خصوصاً وأن المحافظة شهدت فراغاً إدارياً استمر لمدة عام كامل ،كما أن الفوضى كانت العنوان السائد للفترة السابقة ، حتى أنه مع كثرة استهداف أنبوب النفط والاعتداء على أبراج الكهرباء صار الناس يتعاملون مع تلك المشكلة على أنها أمر واقع لا فكاك منه، لكن كلمة المحافظ التي دعا خلالها أبناء المحافظة التعاون الجاد والصادق في التصدي للظواهر السلبية والعادات السيئة والتي أضرت بسمعة المحافظة ومكانتها التاريخية، وجدت صداها عند أبناء قبائل مأرب الذين عقدوا العزم على العمل في صف واحد من أجل وقف تلك الاعتداءات ..حيث تمكن المحافظ بتوفيق الله ثم بتعاون المخلصين من إصلاح انبوب النفط الذي كان فيه أكثر من "عشرين خرقاً" وأسفرت تلك الجهود في إعادة ضخ النفط إلى رأس عيسى وانتعاش الصادرات النفطية ، كما أن العرادة استطاع بمختلف الطرق والوسائل الحد من الاعتداء على أبراج الكهرباء ، وتلك أبرز القضايا التي كانت لها انعكاساتها السلبية على الصعيد الوطني ، لكنها لم تجد طريقها إلى وسائل الاعلام بالرغم من دعوة العرادة المبكرة لوسائل الأعلام المختلفة إلى "التركيز على النواحي الإيجابية في المحافظة، كونها أكثر بكثير من السلبيات التي يركز عليها البعض ويتخذون منها عناوين رئيسية للتعريف بالمحافظة وأهلها، مؤكداً في حديث سابق بأن وسائل الإعلام ستكون بتركيزها على النواحي الإيجابية قد أسهمت في تعزيز تلك الإيجابيات وساهمت بشكل أو بآخر في القضاء على تلك الظواهر السلبية"
... في واقعنا هناك أشخاص يقومون بأعمال عظيمة لا تثير الانتباه، كما لو أنهلا يراد لها أن تصل إلى الناس، أو أن هناك من يرغب في صرف النظر عن أعمالهم،لكنالاستمرار في هكذا وضع من شأنه أن يصيب ذلك الشخص بشرخ عميق في نفسيته، وتصبح مثل صخرة صماء تخلل إليها الماء وأخذ يفتتها من الداخل.
"العرادة" بمثابة مسؤول جدير بمهمته وقف في مواجهة عوائق جمة، كحالة متفردة كان الصمود عنوانا لها، ومما يبعث على الدهشة أن الزمن الذي اختاره لصنع نجاحاته كان الزمن الذي كانت الفوضى والممارسات التخريبية في أعلى مستوياتها، واستطاع أن ينجز ما خطط له في خطوطه العامة، بالرغم من الصعوبات والعوائق.. وكان قد أدركأن ما قام به يشكل في الواقع جوهر حياته الحقيقية، وصار يشعر اليوم أنه أفضل -نوعاً ما-لأن أحلامه التي ارتسمت في مخيلته بالأمس يراها ماثلة للعيان بعد أن كانت هاجساً إضافياً يؤرقه خلال أيام حياته المتألقة.
إنجازات ملموسة في زمن قياسي
استطاع المحافظ في زمن قياسي رسم خارطة جديدة للتنمية الشاملة بمحافظة مأرب ، حيث بدأ بإيجاد حلول لمشكلة الكهرباء لم تقتصر على وضع حجر الأساس للمحطة التحويلية بقدرة100ميجا وات لتغطية المحافظة والمديريات بالطاقة الكهربائية ضمن مشروع المحطة الغازية ، لكنه حصل على توجيهات رئاسية بمنح المحافظة عشرين ميغاوات بصورة مؤقته من الطاقة وإضافة خمسة مليون دولار لتحسين الشبكة الداخلية للمديريات مع إضافة ميجاوات جديدة ضمن الطاقة المشتراة حديثاً من قبل وزارة الكهرباء، وجميع تلك القضايا كانت نتاج متابعة شخصية من قبل المحافظ الذي كان يبتسم من أعماقه وهو يرى المولدات الكهربائية تدخل عاصمة المحافظة، لتتوالى الإجراءات الخاصة بتحسين الخدمة الكهربائية في مديرية الوادي ، وليصل النور مديريتي رغوان ومدغل بعد خمسين عاماً من الثورة والجمهورية عاشتها في الظلام، وتحتفي صرواح بالأضواء التي غيرت لون المساء بتلك المديرية ، أما بقية المديريات فليس من سبب لتأخير إغراقها بالأنوار سوى استكمال التجهيزاتالفنية.
بالطبع.. فإن الظلام والجهل والمرض من أبرز أسباب تأخر المجتمعات في عصر السرعة ، وهو الأمر الذي كان ـ كما أعتقد ـ وراء ترتيب أولويات التنمية العاجلة بالنسبة لمحافظ مأرب، حيث كان التركيز في الخطوات العملية على تحسين الوضع الأمني ثم " الكهرباء ، التعليم ، الصحة ".. ولم يكن نور الكهرباء عند " العرادة " أكثر أهمية من نور العلم ، فقد كانت كلية التربية والآداب والعلوم محط اهتمامه المباشر ، كونها الصرح الأكاديمي الوحيد بالمحافظة ، والمؤسسة التعليمية التي ستتسلم مخرجاتها راية المستقبل ومسؤولية بناء الأجيال، وقد تمكن خلال أسابيع معدودة من الوقوف على أبرز احتياجات الكلية من خلال زياراته المفاجئة ولقاءاته المتعددة مع العمادة وهيئة التدريس والطلاب ، بالإضافةإلى قراءة تقارير اللجان التي شكلها لدراسة وضع الكلية بتمعن وجدية أسفرت عن تغيير عميد الكلية ،وإعادة الدكتور القدير/عبدالله النجار لإدارة الكلية بعد أن قادها بجدارة واقتدار في مرحلة التأسيس، وهو الشخصية الأكاديمية التي يعول عليها انتشال الكلية من واقعها الذي لا يليق حتى بمدرسة ثانوية، وقد حصل المحافظ خلال زيارة قام بها وفد من جامعة صنعاء برئاسة نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية لحضور افتتاح قاعات جديدة للكلية تم بناؤها بتمويل من شركة صافر مع وضع حجر الأساس لسكن هيئة التدريس ، حصل المحافظ على تعهدات من نائب رئيس جامعة صنعاء باعتماد عشر درجات أكاديمية ومعالجة القضايا المالية والإدارية بالكلية، لكنها لم تعفيه من القيام شخصياً بمتابعة حلول تلك الاشكاليات والتردد على جامعة صنعاء بشكل مستمر أثناء تواجده بالعاصمة خلال شهر سبتمبر.
... السعي إلى انتشال التعليم من واقعه المزري دليل على قناعات الرجل الأول بالمحافظة بأن التعليم أساس النهضة، حيث دفعته تلك القناعات إلى إجراء تغييرات في قيادة مكتب التربية والتعليم، وقام بتعيين الدكتور/علي بن علي العباب مديراً عاماً لمكتب التربية والتعليم ، وهي المرة الأولى في تاريخ المحافظة التي تشهد وصول شخصية أكاديمية بدرجة " دكتوراه " إلى هذا المنصب .
وبينما استبشر أبناء مأرب بنجاح جهود السلطة المحلية المتعلقة بالبحث عن فرص تأهيلية لخريجي الثانوية العامة وإعلان الشركة اليمنية للغاز المسال تقديم(160) منحة دراسية خاصة بمحافظتي مأرب وشبوة، ينتظر أبناء مأرب افتتاح كلية المجتمع واستعادة المعهد الفني والمهني المختطف من قبل مؤسسة الصالح، وتطوير الأداء بالمعهد المهني وكذا المعهد الصحي، والضغط على الشركات العاملة بالمحافظة للقيام بمسؤوليتها الاجتماعية لتأهيل أبناء المحافظة من خلال افتتاح وتمويل مراكز للغات والكمبيوتر وغيرها.
لست ممن يهرول بالمبالغة في محطة المديح.. لكن ما يفعله "سلطان العرادة" المتواضع بإمكاناته الكبير بإنجازاته.. أمر يستحق التوقف عنده.. وتتبع مشهد إخلاصه وسيناريو تفوقه في مدة قصيرة.. إنه عنوان بارز مكتوب بالخط العريض.. لا مستحيل في عالم العظماء..!!
هناك أكثر من جانب تنموي يحتاج إلى مضاعفة الجهود من قبل محافظ مأرب، غير أن إصلاح وضع مستشفى الرئيس العام أولوية عند المواطن البسيط لا تقل أهميتها عن نور العلم وضوء الكهرباء...أبناء المحافظة يحتاجون إلى منشأة صحية تقدم خدمات طبية متميزة تغنيهم عن السفر إلى العاصمة صنعاء .. يأملون في وجود صرح طبي تتوفر فيه كافة المستلزمات وكادر مؤهل ومتمكن وأخصائيين في كافة الأقسام.. وأعتقد أن مستشفى الرئيس بميزانيته الضخمة قادر على تلبية طموحات المواطنين إذا وجدت الإرادة الجادة والإدارة المخلصة ، بالإضافة إلى الاستفادة من البنية التحتية المتوفرة للجانب الصحي في المديريات والعزل والقرى من مستشفيات ومراكز ووحدات صحية والنهوض بها لتؤدي دورها بالشكل المطلوب.
المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية
ثمة صحراء قاحلة بدأت تتحول إلى مزارع وحدائقغناء.. مأرب قدتتلألأ التنمية فيهابأنوار تبدد عتمة الليل.. ليتحول ليلها نهاراً مشمساً يطل على أهلها بابتسامة لا تعرف " العبوس "!!.. كل ما حصلت عليه حاضرة سبأ حتى اللحظة، جميل!! لكنه غير كاف بالنسبة لمحافظة النفط والغاز، باعتبار أن بنيتها التحتية لا زالت دون المستوى ولا توازي نسبة بسيطة من مخزون المحافظة وما تجود به لخزينة الدولة، وذلك الأمر يتطلب من رئيس الجمهورية المشير/ عبدربه منصور هادي اعتماد مبالغ إضافية لميزانية مأرب، والإيفاء بالتزاماته وتوجيهاته الخطية السابقة عندما كان " نائباً " بمنح المحافظة عشرة مليار ريال لصالح المشاريع التنموية... كما أنالمهمتكاتف الجميع للدفع بمسيرة التنمية إلى الأمام ،والأهم المساندة الفعلية لقيادة المحافظة في المرحلة القادمة...وتتحمل ( إذاعة مأرب) التي بدأت تدشين بثها التجريبي مطلع سبتمبر ـ بعد أن ظلت ست سنوات حبيسة بدروم مبنى المجمع الحكومي ـ مسؤولية تعزيز التواصل بين المحافظ وأبناء المحافظة ،وتفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية من خلال خطة برامجية تستهدف توعية المواطنين بكون التنمية مسؤولية الجميع، وتعمل على ردم الفجوة والهوة الواسعة في العلاقة بين المجتمع والسلطة المحلية، والتعرف على مشاكل أبناء المحافظة في مختلف المديريات ونقل همومهم ،وإبرازها بالشكل الذي يولد الشعور بأن قيادة المحافظة أقرب إليهم من موجات الأثير.
بصراحة.. أبناء مأرب لم يختبروا في زمن البناء والتنمية ، لم يمروا من هذا الطريق إلا في مواسم انتخابية تروج للوهم ، كانوا يسيرون في طرق وعرة، لم يعرفوا لغة الأمل ، ولم يسكنوا حارات الرخاء والازدهار، ويبدو أن هذه المرحلة اختبار حقيقي لكافة أبناء المحافظة.. ما هو الدور الذي ستضطلع به الأحزاب السياسية لصالح التنمية؟ ما هي المبادرات التنموية التي يمكن أن تنفذها منظمات المجتمع المدني؟!، دعونا نعاهد أنفسنا .. أن لا نجعل للمنهزمين داخل ذواتهم التأثير علينا.. دعونا نطلق العنان للأمل ونمزق القيود التي تعيقنا عن ممارسة لغة التفاؤل!! ابتعدوا عن لغة السواد في اليوم الأبيض .. لا تحولوا أفراحنا لمحطة نمارس فيها الضجر ..والتوغل في نفق الأسى والاكتئاب..!!
أتفق معكم جميعاً.. أن الرجل المناسب أصبح عملة نادرة .. لكنه موجود يتحرك في محافظتنا ..لا أعرف سبباً واحداًيجعلنا نضع أصابعنا على أعيننا .. ومن ثم نصرخ بأعلى الصوت أننا لا نرى الأشياء كما هي.. ولا أدري لماذا ننصتلصدى اليأس والتشاؤم.. ونحن مصدر الاطمئنان والاستقرار ..!!
( سلطان العرادة) و (قيادة محافظة مأرب) .. رواية تكتب بفصول درامية شيقة .. لكنها مع كثرة فصولها وعناوينها وإنجازاتها ترفض أن تكون لها نهاية محددة المعالم .. فمع كل منجز لأحدهما .. تفتح صفحة جديدة من التحدي .. فهل سيكون أبناء مأرب أوفياء لمحافظتهم؟ ..أم سيتنصلون عن واجباتهم ويتهربون من مواجهة استحقاقات التنمية.. تاركين " المحافظ العرادة " يواجه الصعاب وحده ..! ، هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة!!

صعدة .. امبراطورية المكبرين

صعدة .. امبراطورية المكبرين 
بقلم/ علي الغليسي 
نشر منذ: سنة و أسبوع و 5 أيام - الخميس 01 ديسمبر-كانون الأول 2011 07:29 م
http://www.marebpress.net/articles.php?id=12602&lng=arabic




 
في الطريق إلى صعده .. المشاعر تهتز مخلوطة برجفة قلق تتضاعف مع اهتزاز السيارة في تضاريس طريق وعرة أنهكتها الآليات العسكرية التي كانت تزحف إليها على مدى ست حروب سابقة... تهتز أعماقي بعنف كلما اقتربنا من المدينة التي وصلناها والليل يرخي سدوله بعد أن مررنا بعشرات النقاط تتوزع على طول الطريق ويقف فيها شبان يعرفون بـ (الأمنيات) من أنصار (جماعة الشعار)، قاموا بتدوين بيانات السيارة ولونها واسم السائق في سجلات آخر نقطة تفتيش.
هنا صعدة.. مدينة السلام وبلدة الرمان .. هنا لا تزال آثار دمار الحروب بادية للعيان..هنا تحضر التضاريس المتنوعة والبيئة البكر والأراضي المتشوقة لأنامل البناء الغائبة منذ سنتين، في صعدة .. لا تستغرب عند رؤية راية الشعار المعروف (الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل) وهي تعتلي أسطح بعض المنازل ومطبوعة في أكثر الجدران، ولا تندهش إذا وجدت أن تلك الرايات أكثر من العلم الجمهوري ، فأنت في إمارة الحوثي وإمبراطورية المكبرين.
الناس هنا يشكون من غياب التنمية، ويصرخون ألماً من كارثة الإهمال، ويتذكرون بحزن الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها ست حروب لم يكتب خلالها النصر لأي طرف ، وكانت صعدة هي الخاسر الكبير من تلك الأوضاع التي امتزجت فيها المأساة بالمعاناة واصطدمت آهات المحرومين ببكاء الثكالى وحسرات المكلومين.
السلفيون في مرمى نيران الحوثيين
يبدو أن محافظة (صعدة) باتت غير قادرة على مغادرة دائرة (الخوف).. وأن عقارب ساعات الهدوء سرعان ما إن تضطرب على وقع عاصفة مدمرة..تبحث هذه المحافظة عن ذاتها في مستطيل السلام، فتجد نفسها بدون مقدمات في مربع العنف.. تحاول جاهدة العزف على وتر السكينة والاستماع إلى موسيقى السلم الاجتماعي، غير أن ضجيج المدافع ولعلعة الرصاص ودوي الانفجارات في منطقة (دماج) هو ما يمكن الإصغاء إليه هذه الأيام في تلك المنطقة البائسة المحروم سكانها حتى من النوم الآمن على سرير الاستقرار!!
لا يمكن فهم الوضع الراهن في قضية خلاف الحوثيين والسلفيين بشكل سليم، وتفسير ما تشهده صعدة الآن يزداد صعوبة كلما استتب الأمن واتسع الهدوء، كلما يتعقد أكثر عندما يتسيد العنف أو تبرز مؤشرات الصراع المسلح مثلما يحدث حاليا.
صار أبناء صعدة بين فكي كماشة، أنياب كلها حادة وقاسية، جماعة الحوثي ومركز دماج ، السلفيين والمكبرين، وكلما توغل خيط الهدنة داخل أعماق النسيج الاجتماعي، ارتفع –طبيعيا- نشاط عملية الفرز في اتجاهين اثنين يذوب الاتجاه الثالث وينكمش بين تمترسهما حول ما يؤمنون به من قضية ومعتقدات ، نفوذ حوثي يتمدد بمساحات غياب الدولة، وحضور يتضاعف بفضل إجادة "المكبرين" لاستغلال السلبيات وقدرتهم الملموسة على التعامل الإيجابي مع أخطاء الأطراف الأخرى، بالتوازي –طبعاً- مع صورة رعب سائدة من الحوثيين وحالة خوف دائم لدى العامة ، كل ذلك ساعد على تغيير قراءات الأمر الواقع.
يتفاقم الخوف والقلق تدريجيا هذه الأيام المحسوبة ضمن أجندة السلم والأمان، ويطلق الحوثيين تهديداتهم بنبرة عالية الحماسة حد الغرور، وسياق لغوي يوحي برغبة مكبوتة في انفجار الوضع ، مبتعدين هذه المرة عن استخدام وسائلهم الذكية والمسيسة التي كانت تضمن لهم أثناء حروبهم مع الدولة عدم الظهور كمسبب يتحمل المسؤولية، وكي يكسب الأذكى اللعبة، فإن الاعتماد على تكتيك خلط الأوراق هو الأنسب، والذي ينجح في تقمص دور الضحية يصبح هو الأوفر حظا في المعركة الموازية: حرب العواطف.
التخلي عن نزعات العناد والمبادرة، أصبح ضرورة ومطلباً رئيساً يتقدمه ضرورة أخرى، تغليب روح الأخوة والتسامح وتقديم التنازلات، دون ذلك، لا طريق آخر يكفل إخراج صعدة من مستنقع الدم وإنقاذ البلاد من فتنة قد تتحول إلى طائفية تكبر فداحة أضرارها الجسيمة كلما استمر إهمالها أو تركها سوقا لخدمة مصالح ضيقة تثمر مكاسب آنية مقابل خسائر وطنية لا يمكن تعويضها.
أفواه المدافع ظلت صامتة، كذلك ثغور البنادق صامت عن الكلام، الحرب كانت في إجازة،والضمائر الآن في فترة نقاهة ، شياطين القتل وتجار الحروب وحدهم المرابطون عند أسوار المقابر وخزائن البيع والشراء بأرواح الأبرياء... قدر صعدة التاريخي هكذا، أن تبقى مسرحا مفتوحا على مدار الزمن للتناحر، إنها اللعنة، أو هي حصاد ما كسبته أيادي الناس، ومقابل الصمت والقيام، يطل بورزان الموت بلا موعد، التصعيد المذهبي يتسلل خلسة ودون انتباه من أحد، هناك آلة إعلامية تعمل لخدمة قوى ولصالح أهداف، لا هم لديها سوى إثارة الروح العفنة وممارسة التأجيج.
يجب أن تتحمل أطراف الصراع مسؤوليتها، ويتحمل نتائج الحرب من يقوم باستسهال المغامرة المجنونة على حساب دماء اليمنيين، سلفيين وحوثيين ، إن التمترس البادي حاليا لا يمكن تفسيره بغير الإدمان للقتل والتحالف مع أعداء الدين والوطن تحت مظلات الخداع وشعارات الزيف.. لم تعد صعدة بحاجة لحروب أخرى، وقبل أن يكون الناتج في النهاية موت ودمار يجب تدخل العقلاء..ومنع اندلاع الحرب والرقص فوق أشلاء الضحايا، أمر مهم جداً ...يجب أن يتوقف الحوثي عن اعتماد عبارات التحدي وجمل الاتهامات الكبيرة ، كونه أمر غير لائق سياسياً، خاصة إذا ما أدركنا أن الرد السريع يأتي مشحونا بوجع الجراح الغائرة، وكثيرا ما ينتج عن مثل ذلك التصلب رد عنيف على الأرض، ربما نفهمه لو تقصينا الأسباب وراء تجدد الحروب الست مع الدولة.. تتعدد الأسباب من أشياء صغيرة، لكنها تتطور، تنفجر وتصبح حدثا كبيرا بحجم انتحار محافظة، كما حدث في صعدة ست مرات متتالية، وموعدها مع انتحار جديد يخطط له المتطرفين وغرماء السلام.
لا صوت يعلو فوق صوت المكبرين
في صعدة .. لا صوت يعلو فوق صوت المكبرين بعد أن بسط أتباع السيد عبد الملك الحوثي سيطرتهم الكاملة على تلك المدينة تزامناً مع انطلاق الثورة الشبابية الشعبية السلمية فتداخلت صرخات الفرح من الأنصار ولعنات التذمر من بقية الفئات .. لتبدأ صعده مرحلة جديدة بحكم ذاتي دفع بالتاجر المشهور (فارس مناع) إلى منصب المحافظ وهو الذي لم يمض كثيراً على مغادرته زنزانة الأمن القومي ، ولم يطل الوقت على قرار إعفاء شقيقه (حسن) من منصبه، وقد أتاح ذلك الوضع المجال أمام ارتفاع أصابع الحوثيين لرسم شارات النصر، وللسلطة لطم خدود الانتكاسات.
يتجدد التاريخ في عاصمة السلام ويكتب من يسمون أنفسهم بـ (أنصار الله) تفاصيله بأحرف من نور المسيرة كما يقولون ..أطياف متعددة تلتقي هنا، واهتمامات مختلفة تجتمع في هذا المكان على خطوط تماس ملتهبة وفوق تربة مشتعلة كبؤرة بركان تنفث حمم القلق والصخب والغضب إلى خارج موطن الزيدية الأبرز وإلى ما هو أبعد من خطوط الحدود وعلى الخارطة الدولية.
ها هي صعدة تتمتع بحكم ذاتي وتحاول أن تظهر فيه أنها استعادت عافيتها.. حتى وإن كان دم الجرح ما زال ينزف عتابات محب وشكاوى مظلوم أضناه القهر والخذلان ومرارات تظهر بين الفينة والأخرى وسط أنياب المستوحشين بالمال والغنى ضد مجتمع عزيز أذله غدر الزمان وسياسات أهل الشان... لقد بات (الحوثي) هو الحاكم بأمر صعدة ، ووجود الأجهزة الأمنية والعسكرية ومدراء عموم المكاتب التنفيذية وقيادات السلطة المحلية ـ وجود شكلي لا أكثر ـ فهناك مندوب من الحوثيين في كل مكتب تنفيذي وكافة المديريات هو الآمر والناهي بعيداً عن المدير العام ، وجهاز (الأمنيات) المكون من مجاميع حوثية يقوم بمهام الأجهزة الأمنية جميعها بما في ذلك تنظيم حركة السير في شوارع المدينة.. و(حاكم ضحيان) هو المحرك الفعلي لمحافظة صعدة.
من السذاجة الحديث عن أن نجاح الحوثيين في ضبط الجانب الأمني يعود إلى إمكاناتهم المادية والبشرية بل أن ذلك نتاج انتشار ثقافة (من ليس معنا فهو ضدنا) وخوف الناس الشديد من بطش جماعة الشعار .. كل ذلك ما هو إلا جزء صغير من تفاصيل كثيرة لسيناريوهات طويلة.. ظاهرها الود لـ(صعدة)وباطنها يخفي شديد العذاب!!
إنهم يكرهون من يخالفهم الرأي ويناصبون العداء من لا يؤمن بملازم (حسين بدر الدين).. تتفاقم الكراهية عند البعض لتصل درجة الحقد والضغينة.. وتتلاشى لدى آخرين لتبلغ حد التذمر والاحتقار والاستنقاص.
هذه هي الحقيقة التي يجب معرفتها.. وبالتالي التعامل والتعايش وفق معطياتها وما تحمله من أجندة.
الأغاني ممنوعة والأفلام التركية أيضاً!!
لست ناقماً ولا أحمل شفرات حقد وخناجر ضغينة.. أحاول فقط كتابة انطباعتي كصحفي تيسرت له زيارة صعدة وهي تخضع لسيطرة حوثية كاملة..لم أكن أتصور أن يحولوها إلى ( قندهار) ثانية أو( قم) أخرى من خلال تضييق الخناق على الحريات الشخصية ومنع الأغاني من التداول،وإغلاق ثلاثة استريوهات (اليمن السعيد ، الأطلال، واستريو) مع تخويف أصحاب محلات الجوالات من تحميل الأغاني والأفلام التركية وخاصة (الأرض الطيبه ، ومراد علمدار) بل وصل الحد إلى ملاحقة ومعاقبة أي شخص يقوم بتشغيل الأغاني بصوت مسموع في سيارته الخاصة، وهو ما تأكدنا منه جيداً من خلال الحديث مع إعلاميين حوثيين برروا ذلك التصرف بأنه ناتج عن كون ثقافة المجتمع لم تعد تتقبل الأغاني..وهنا من الممكن التوقف عند تلك المبررات من زوايا مختلفة غير تلك التي يتفوه بها أنصار السيد .. ففي التفاصيل ما يمكن من خلاله الوصول لما وراء السطور ولما هو أبعد من التبرير الإعلامي.. إذ لا يمكن تقبل الوضع على أنه مجرد صحوة ضمير وخطوة رائعة نابعة من القلب..حيث أن ذلك كان مجرد اختبار لماهية الاعتراضات التي قد يظهرها المجتمع والتي قد تسهم في عرقلة فرض الفكر الحوثي بقوة الساعد والسلاح شاء من شاء وأبى من أبى!!
تصوروا لو أن القائمين على مركز دماج السلفي قاموا بمثل تلك الخطوة وحظروا بيع وتداول الأغاني .. كم هي الضجة التي سيثيرها الكتاب الليبراليين والإعلاميين من دعاة الحداثة، لكن لأن الحوثي وراء ذلك الحظر لم ينبس أحدهم ببنت شفه...ربما لم يعلموا بذلك الأمر بعد!!
لنترك تسويق الحوثيين لذلك الحظر جانباً .. فذلك المنع ينتهك الخصوصية.. كما أن استخدام القوة في فرض مثل هكذا تصرفات أمر يستدعي الاعتذار للسلفيين وطلب المغفرة من الجماعات الإسلامية الأخرى..وينبغي أن نقول للمكبرين أن أوامر الدين الحنيف ليست كما تفعلون، ولا يمكن أن تكون بهذا الحال المقلوب والصورة المشقلبة.. فما يجري الآن إذلال للناس وليس انتصار للدين.. إكراه وليس إقلاع .. نفاق وليس تدين.. إنها خلاف التوجيهات الربانية تستحقون عليها العتب تلو العتب ، لأن كل ممنوع مرغوب!!.
كان الأحرى ترك المجال أمام الناس لتكوين قناعاتهم.. دعوهم يعمهون في دروب الغي والضلال الذي تدعون ..لو أعلنتم احترامكم لرغبات المواطنين وتركتم للمتوجسين خيار وقرار الإتباع والمناصرة ، والإقلاع والتوبة.. وواصلتم العمل دون اكتراث.. لجاءوا إليكم يحثون الخطى متدافعين أفواجاً إذا رأوا أنكم أنصار منهج الفضيلة بمصداقية عالية ، وشاهدوا الحق وقد حصحص من جانبكم والصبح شعشع من ملازم السيد الراحل وتنفس ضوءاً يصعق وجوه الخفافيش.
غلبة منطق قوة الحوثي وقهر الشيخ عثمان مجلي
أثناء تجوالنا في مدينة صعدة لفت نظري ركام فندق الشيخ / عثمان مجلي عضو مجلس النواب الذي قام الحوثيين بتفجيره ومساواته بالأرض بعد مواجهات عنيفة خلال السنة الماضية، وصار ذلك المكان بمثابة معلم بارز ، ومزار سياحي يشهد على غلبة القوة وقهر الرجال ، بل أن أنصار عبد الملك الحوثي قاموا بتحويل محلات مجلي التي بجوار الفندق إلى مؤسسة باسم زيد علي مصلح للانتاج الفني والتوزيع ومحلات أخرى، ومزارعه وسوقه العام تحولت جميعها إلى مؤسسات تجارية تعود أرباحها للحوثيين ، كما أنهم حولوا منازله وفنادقه الأخرى إلى محاكم تابعه لهم .. فبالله عليكم ، كيف يمكن إقامة العدل وإرساء دعائم المساواة والحق وحكم الله من بيوت مغتصبه؟!
أيضاً.. عمد الحوثيين إلى ترك مزارع أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر (حسين وحميد) دون أن يتم ريها أو سقيها حتى يبست بشكل كامل..ووحدها مزرعة (الرئيس صالح) التي لا زالت أشجارها خضراء وثمارها ناضجة يقوم الحوثيين ببيعها وتسويقها والاستفادة من ريعها.
أقسم لكم أن ما قام به الحوثيين ضد النائب عثمان مجلي وغيره ليس بريئاً مطلقاً.. ولا أخلاقياً أبداً.. كما وليس ربانياً بحتاً ودينياً فرصاً.. إنه أكبر من محاولة الانتصار للذات.. وأخطر من مسلسل فرض النفوذ..وشر البلية أن أنصار جماعة الشعار يريدون من الجميع البقاء بمكان الصرصور حين تلصقه الجزمة بالأرض.. ومن الغباء الفاحش تصديق المبررات الحوثية الواهية والاقتناع بمصداقية نصرة الدين.. ركزوا على أهدافهم جراء تلك الأعمال سترون فيها ما يريب!!.
لن تنطلي الحيلة علينا جميعاً.. ولن ننخدع بتسويق الحوثيين لمشروعهم القائم على إقناع الناس بأفكارهم المذهبية التي تلامس شغاف قلوب أتباع الإمام زيد بن علي رضي الله عنه .. ذلك أن حليمة سرعان ما تعود لعادتها القديمة، ومن الخطأ نسيان غطرستهم واستعراض العضلات في نشر ذلك الفكر.. ومن العيب أن نترك لهم الخدود التي احمرت بصفعاتهم كي يرسمون عليها قبلات وردية.. إذ ما زال ألم الصفعات طاعناً في القلب وآثار أظافر الكفوف الخشنة مطبوعة على وجه صعده الكئيب.
 بحسب ما قال لي أحد أبناء صعده فقد قاوم مجلي وقبائله الحوثيين بعناد وقوة.. ومن حقه الدفاع عن أرضه وممتلكاته .. غير أنه من العيب جداً تصوير نجاحهم في القضاء عليه وطرده وكأنه تحرير لصعده من مغتصب غاشم.. لأن الحال يبدو كذلك.. أو يصوره الحوثيين دون اكتراث أو مبالاه – على ذلك النحو.
مغادرة مدينة السلام  
التناولة الصحفية أعلاه ليست سوى غيض من فيض المشاهدات والانطباعات التي خرجنا بها من زيارة قصيرة لمحافظة صعدة التي غادرناها وكرة الثلج تتدحرج للأسوأ في ظل بقاء خطوات المصالحة بين السلفيين والحوثيين المطروحة حالياً رهينة إجراءات يتحكم فيها عنصر التربص رغبة في إفشال خطوات المصالحة ، ليبقى المشهد مغلفاً بالضبابية ، بالرغم من كون جبل البؤس الصعداوي لم يعد يحتمل مزيداً من المآسي الإنسانية، فقد صار السلام هو المطلب، غير أن تلك الصور المتضاربة التفاصيل من نماذج التيه تفرض ظلالاً كئيبة على ساحة طالما ظلت معجونة برماد البارود وطحين الجماجم بحسب أصوات صعداوية معتدلة..وقبل أن نجد أنفسنا في خضم أحداث كارثية لا نبصر فيها سوى (أشلاء) ولا نسمع سوى أنات جرحى وبكاء ثكالى ولا نشم إلا (رائحة الدم)... يجب أن يعمل عقلاء الوطن بإخلاص لإنهاء أسباب النزاع والتوتر والتمترس الحوثي والسلفي.. والفتنة نائمة ، لعن الله من أيقظها!! .

مأرب بلا نصير

بقلم/ علي الغليسي 
نشر منذ: 6 أشهر و يوم واحد - الثلاثاء 12 يونيو-حزيران 2012 11:49 

صارت مأرب وسط فك التمساح .. كماشة إعلامية، سياسية تخنق انفاسهم من أقلام الصحافة ومماحكات أهل السياسة .. هكذا يظهر المشهد على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي وكواليس الاعتداءات على خطوط الكهرباء وأنابيب النفط.
أصبح جميع أبناء مأرب – أبرياء ومذنبين – في مرمى نيران أقلام الصحفيين ولغة التعميم التي ترد في مقالات الكتاب التي تتناول أحداث التخريب ونذالة المخربين مع كل انطفاء للكهرباء مصدره توقف المحطة الغازية .. وحدهم – جيران صافر – يلتزمون الصمت حيال كل ذلك.. وإن كانت ( أدخنة الفوانيس) مازالت تتصاعد عتابات بدو, وشكاوى مظلوم اضناه القهر والخذلان ، ومرارة العاجز وسط أنياب المستوحشين بالفكر والثقافة والعلم والإعلام ضد محافظة عزيزة أذلتها ممارسات عناصر قليلة مهووسة باستهداف أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وتخريب المصالح العامة.
من السذاجة مرور الاستهداف الاعلامي الواضح والمتحامل طوال الشهور الأخيرة للنيل من أصالة أبناء الصحراء اعلامياً عبر واجهة المخربين..اتخذت حملة الاستهداف من الصحافة وملكة الكتابة وموهبة الهجوم سلاحاً فتاكاً لإلحاق الأذى والصاق تهمة التخريب والتقطع وأقذع الأوصاف بكل ما هو مأربي .. سمعة وتأريخاً .. دون مراعاة لمخزون الشهامة والخير الذي تكتنزه نفوس المأربيين ، وثروة الأرض التي تجود بها دون منٍ أو أذى لكل أبناء الوطن، بينما يكابد أبناؤها من أجل الحصول على لقمة العيش بأدنى درجات الكرامة المصادرة بفعل سياسات الاقصاء والحرمان وجشع النافذين الكبار ومعايير التمييز الضيقة التي جعلتها من عقود على صفيح المعاناة.
بصراحة أشعر بالخجل يعتريني على مدار القهر .. كهرباء الغاز تنير صنعاء ومحافظات أخرى، ومصدر النور تعيش في ظلام دامس ، وتواجه حملة إعلامية شرسة لا تتوخي الموضوعية في الطرح، ولا تستند إلى المنطق في نقد مجتمع لا يملك غير استجواب الألم وسرد تفاصيل الظلم بوسائل بدائية وتقليدية لامجال للمقارنة بينها وبين التقنيات التي يمتلكها من يتصدرون مهمة النيل من موطن الحضارة والتاريخ .. صحيح أن مأرب تعاني أمراضا مرتبطة بالتركة الثقيلة المتمثلة في قلة الوعي والتجهيل المتعمد للأجيال والفراغ المعرفي الذي ترك المجال مفتوحاً لزرع ثقافة جديدة لا صلة لها بفطرة البدوي.. غير أن مسألة تحري الدقة والإنصاف مفقودة في قاموس الصحفيين كما يبدو.
المشكلة أن ( مأرب) وحدها من يدفع ثمن تلك الممارسات الصبيانية من قبل بعض أبنائها وغياب أنصافها من قبل زملاء المهنة ونجوم السلطة الرابعة ، وتكمن المشكلة في أن هناك من يبحث عن حل سحري لوقف الاعتداء على الكهرباء وأنابيب النفط ، فيما الإجراء السليم هو العمل من أجل ايجاد وعي حقيقي واصطفاف مجتمعي من خلال ثورة في المواقف والأفكار ومخاطبة ايجابية المجتمع لنتمكن من تجاوز سلبيات الحاضر وتحديد معالم المستقبل المزدهر والتنمية الشاملة لمحافظة النفط والغاز ومصدر الثروة.
لا تصدقوا تلك الكتابات التي تتحدث عن تواطؤ المجتمع في مأرب مع شلة المخربين ، وسيكون هذا الطرح أكثر مصداقية عندما تبدأ الدولة في فرض سيطرتها وملاحقة تلك العناصر المرتبطة بأجندة سياسية ..ستتأكدون أن أحداُ لن يقف في وجه مثل هكذا توجه .. غير أن كل ما يحدث ما هو الا جزء يسير من تفاصيل كثيرة لسيناريوهات طويلة ظاهرها قطع الكهرباء بحجة مطالب شخصية وباطنها الانتقام من كل الشعب وجميع من في الوطن(مخربي مأرب مجرد مقاولين عند قادة الخراب في صنعاء) .. وهذه هي الحقيقة التي يجب معرفتها واطلاع الرأي العام عليها وبالتالي التعامل والتعايش وفق معطياتها وما تحمله من كراهية لليمن الجديد التي وصلت حد للحقد والضغينة.
القهر الذي يتجرعه أبناء مأرب عقب كل مقال صحفي يسرد خلاله الكاتب وجهة نظره من الزاوية السلبية التي لا يرى منها في الوجود شيئاً جميلا،ويدعم ذلك باستخدام مفردات السب والشتم المتوفرة في قاموس ملاعناته الشخصية ، كل ذلك يلقى على كاهلنا مهمة لفت أنظار أولئك الكتاب أن هناك العديد من الزوايا المشرقة التي لم يتطرق إليها أحد .. وكما أن من حقكم أيها الصحفيين والإعلاميين والمثقفين قول آرائكم وإبداء مواقفكم حول ما يحدث في مأرب – بالطريقة التي تعتقدونها صحيحة ، كذلك من حقنا نحن – المأربين – الدفاع عن أنفسنا كما ينبغي ومثلما نحب – فالهامش المهني يتيح لنا الكتابة بحرية سقفها لا يسمح بالإساءة التي أمعنتم فيها حتى تجاوزتم حدود الحرية .. وكما تحبون أنفسكم ، وتدافعون عن حقكم في الحصول على خدمة الكهرباء،ولو على حساب التعريض بكل أبناء مأرب .. كذلك نحن نحب (مأرب) نعشقها حد الهوس ـ رغم الظلم والمشاكل وتعقيدات الأوضاع ـ نحب أرض سبأ ولا يمكن أن نتهاون في رد الضيم عنها والتضحية من أجلها.. ومهما بلغت الأوضاع سوءً لن نفرط في قيم الكرامة والشموخ، وعلى الذين تمترسوا منذ شهور طويلة للتشهير بحاضرة سبأ في كل محضر ومارسوا ضدها أبشع أساليب الشرشحة في كل صحيفة وفضائية حتى غدا إسم (مأرب) مقترناً بالسب والسخرية والشماتة والاستهزاء على كل ألسنة المهووسين باللعن واثارة الضجيج.. عليهم أن يتوقفوا فوراً عن النعيق الذي جاوز حد التذمر حتى وصل إلى الاحتقار والاستنقاص .. من اليوم وصاعداً ستكون أقلامنا سيوفاً مصلته في وجه من يستعرض قوته الإعلامية علينا ويسعى من خلال جودة الصياغة وسلاسة الأسلوب وبلاغة الطرح الإمعان في تقزيم مأرب وأبنائها .. يكفينا ما نعيشه من إقصاء وتهميش وفراغ تنموي ومصادرة للحقوق وغياب اللبنية التحتية .. احنا مش ناقصين هذا الاستنزاف اللأخلاقي ، وكرامتنا ليست مباحة للصغار.
لن نستجدي الاعتذار من أولئك الكتاب والصحفيين والإعلاميين الذين صار أبناء مأرب في نظرهم مجرد لصوص وقطاع طرق وبلاطجة يبيعون الذمم ، لن نطلب ذلك منهم ابداً، لأنهم لا يستحقون التملق ، وكثير في حقهم الاستجداء..ومن العيب ان نمد لهم خدودنا التي احمرت بصفعاتهم كي يرسمون عليه قبلات وردية إذ ما زال ألم الصفعات طاعناً في القلب ، وآثار أظافر تلك الكفوف الخشنة والناعمة مطبوعة على وجه (مأرب) لن تمحوها حبة خشم أو بوسة شفة رطبة.
من الآن فصاعداً.. لن نسمح بالتطاول على تاريخ عظيم اسمه (مأرب)... سنضع عناوين الشهامة والأصالة والكرامة والطيبة والحكمة جانباً , لأن هذه الصفات أتاحت الفرصة للأقزام أن يتطاولوا على عرش بلقيس، وزادت شهوانيتهم لإذلالنا ونهش سمعتنا ببشاعة ودون توقف، وباتوا يجلدوننا بالألفاظ النابية ليثيروا القهقهة والضحك في نفوس الشامتين.
وأخيراً: أود أن أؤكد أنني لست ناقماً على أحد ولا أحمل شفرات حقد ضد أحد...!! فقط .. أحاول الانتصار لكرامتي كـ(مأربي) ولمكانة محافظتي التي صنعت لليمنيين حضارة ومنحتهم مخزون الثروة ، وصنعوا بها ما لم يصنع ناكر معروف بصاحب جميل قط!!.

الشيخ سلطان العرادة : وقبائل مأرب ستحمي المنشآت باعتبارها حق للوطن



 
سلطان بن علي العرادة ... احفظوا هذا الاسم جيداً ..انه الشيخ القبلي التواق للمدنية .. البرلماني السابق الشهم القادم بشخصية استثنائية ممزوجة تركيبتها بأخلاقيات القبيلة وثقافات المجتمع المدني وتجعل منه قامة جذابة بكاريزما قيادية لها وقع خاص.. يعرفه كل من يعرف هذا الشيخ المثقف.. المتواضع.. الحكيم.. المقدام.. البعيد عن الأضواء اختيارياً.. القريب من الأحداث إيماناً بالوطن ووفاءً مع قضايا المواطن.
في هذا الحوار الشامل الذي وافق عليه العرادة بعد عودته من الخارج.. وفي حالةٍ جريئة.. خرج الشيخ سلطان عن الصمت.. غادر مساحة المتأمل مقتحماً ساحة المتكلم.. بعدما رأى ضرورة أن يشارك في ثورة الشعب الذي غادر دوائر الخوف واقتحم دوائر المربعات الملغومة.
يطل الشيخ سلطان 52عاماً ـ ثالث أولاد المرحوم علي بن مبخوت العرادة ـ على القراء ليخاطبهم بقلب شجاع وكلمات ثاقبة سيصل صدى حروفها إلى ابعد مما كان متوقعاً...وهذا الظهور السلطاني نأمل أن يكون مدخلاً جديداً تكون له آثار تدفع بالرجل إلى المكان الذي كان مفترضاً أن يكون فيه منذ عناء الساحة من فراغ القادة الحقيقيين.. الشيخ سلطان بن علي العرادة قيادي في ملتقى مأرب .. يعتبر من مؤسسي المؤتمر الشعبي العام وبين الألف الاسم الأولى في قائمة التأسيس ، وهو أول عضو لجنة دائمة من مأرب 1982م، قبل أن يقطع صلته بالمؤتمر في أواخر التسعينيات ويرفض الترشح باسم المؤتمر في 2003م .. في الحوار التالي كشف الشيخ سلطان اعتذاره عن الرد على اتصالات الرئيس صالح ، وتواصله مع علي ناصر محمد وأوضح رأيه في مختلف القضايا التي تشهدها الساحة اليمنية .
  
*كيف تقرأ المشهد السياسي في البلاد؟
-المشهد السياسي في اليمن لم يعد خافياً على أحد وهو واضح من خلال تواجد أبناء الشعب اليمني في ساحات التغيير بدءاً بالعاصمة وانتهاءً بأبعد محافظة في الجمهورية من الغيضة إلى صعدة وهي تعج في ساحات الحرية وساحات التغيير بكل شرائح المجتمع اليمني، من العامل إلى المزارع والمثقف السياسي إلى العالم، إلى الشيخ، إلى الجندي إلى الضابط، كل شرائح المجتمع موجودة في هذه الساحات وتطالب كلها مجتمعة بالتغيير.
* تباينت الآراء واختلفت وجهات النظر بين شباب الثورة والمعارضة والسلطة بشأن المبادرة الخليجية ما هي وجهة نظرك حيال هذه المبادرة؟
- الحقيقة دول مجلس التعاون الخليجي تربطها باليمن علاقات وطيدة ووثيقة ولا شك بأن اليمن ودول الخليج يتأثرون سلباً وإيجاباَ مع بعضهم البعض، يؤثرون ويتأثرون ببعض ، وليس هناك من شك في أنهم مهتمون كثيراً بشأن اليمن ونشكرهم على ذلك،والمبادرة أعتقد حصلت لها قراءة من جانبين: قرأها النظام أو حاول أن يقرأها على ما يريد، وقرأها الشعب بقراءة أخرى وينبغي على مجلس التعاون الخليجي أن يفسر المبادرة لأن المطلب واضح ، وقضية المماطلة في مطلب انتقال السلطة بشكل فوري لا أعتقد أنه يصل باليمن إلى بر الأمان.
*أنت مع المبادرة لكن مع تفسير نصوصها؟
-مع تفسير نصوصها وتوضيحها من قبل أصحاب المبادرة وعليهم أن يقرأوا الواقع اليمني.
*قراءة الواقع من أي زاوية؟
- من زاوية وجود الشعب، لأن المسألة ليست مسألة وجود حزب أو حزبين أو محافظة متمردة أو منظمة متمردة أو وحدة عسكرية متمردة بل هو الشعب كل الشعب بكل فئاته وشرائحه.
*ما هي الأطراف التي ترى مشاركتها في حوار الرياض إذا ما تم الإجماع حول التوافق بشأن المبادرة؟
- كل أطراف الثورة جانب والنظام في الجانب الآخر.
*إلى أي مدى تتشابه الأزمات المتعاقبة في التاريخ اليمني والأزمة الحالية ؟
-لا أعتقد أن الثورة الشعبية الموجودة حالياً في اليمن تتشابه مع أي حدث لا في التاريخ اليمني الحديث وربما القديم، فلم يشهد اليمن وقفة الشعب اليمني بأكمله أو معظم الشعب ولعلنا لسنا مجازفين إذا قلنا أنه بأكمله.. أن يقف الشعب اليمني بأكمله يطالب بتغيير النظام، فلم يحصل مثل هذا في اليمن الحديث ولا القديم ، نعم حصلت ثورات حصلت مشاكل لكن ليست في مثل الرقي الذي تشهده ثورة اليمن اليوم.
*إلى أين تسير الأوضاع؟
-الأوضاع وبلا شك تتجه نحو التغيير .. و لنا أمل أن يعقل أبناء اليمن وأن يعي الكل ما يدور وخاصة النظام وفي مقدمتهم الرئيس علي عبدالله صالح الذي عليه أن يعي الوضع تماما وأن يقرأه قراءة متأنية بذكاء وحكمة ومعرفة وهو من أعرف الناس باليمن.
* يعني المرحلة القادمة ترى أنها قد تكون مرحلة انفراج للأزمة أم أنها ستكون زيادة في التعقيد؟
- الانفراج بإذن الله قادم بأي حال من الأحوال لكن نأمل أن يكون بأقل كلفة ونأمل أن يعمل علي عبدالله صالح من أجل ذلك ، وأن يقرأ الواقع قراءة متأنية وأن لا يعتمد على من خدعوه بالتقارير طوال فترة رئاسته، الذين حالوا بينه وبين شعبه والذين حالوا بينه وبين منجزاته وحولوها إلى دمار وأن لا يستمع لهم في آخر المطاف حتى لا يندم على ما بقى.
*من وجهة نظرك علي عبدالله صالح يسير على خطى القذافي أم خطى مبارك؟
- إلى الآن لا أستطيع الفصل في القضية على وجه التحديد لكن أملي أنه سيعقل.
* إلى أي مدى تعتقد أن النظام الحالي لا زال يصلح لحمل اليمن نحو المستقبل؟
- النظام الحالي لم يعد قادرا على حمل اليمن وأصبح عاجزا ولم يعد بيد النظام شيء.
*إذاً كيف تنظر إلى إصراره على البقاء؟
- إصراره على البقاء إسهام في الأزمة.
*هل نفهم أن الطرق قد سدت وأنه لم يعد أمامه سوى الرحيل؟
- يا أخي لم يبق شيء أمام النظام.. النظام يحكم من؟،من يحكم؟ هل يحكم الشعب اليمني؟.. يا أخي هذا هو الشعب وإن كان يحكم فئة أو عصبة من الناس فليتكلم وإن كان يحكم الشعب اليمني بأكمله فلينظر إلى الشعب اليمني ولينظر إلى ساحاته، أنا أقول إن الشعب اليمني المتواجد حالياً في الساحات كماً ونوعاً أمر ملفت.
*لكن النظام الحاكم لم يستنفد كل قواه حيث لا يزال لديه مؤيدون كثر بحسب ما يظهر في حشود السبعين والتحرير؟
- النظام يعرف المحتشدين بالجانبين، يعرف كيف جاء هذا وكيف جاء ذاك..فهو يفهم جيدا أن الشعب اليمني جاء من تلقاء نفسه وانطلق من منطلق معاناة ومن فهم ومعرفة لواقعه... الشعب اليمني ليس مأجوراً ولم يأت لمصلحة معينة ولا لهدف قصير المدى.
*الحشود التي تظهر أمام الرئيس ليس غرضها مساندة الرئيس وإنما المصالح التي يبتغونها؟
-أنا أقول نوكل هذا الأمر إلى الرئيس شخصياً.. هو يعرف تماماًً كيف جاءوا وكيف حشدهم .. هو يعرف جيداًً أكثر من غيره.
*هل تعتقد أن الرئيس أضعف بكثير هذه الأيام من ما كان عليه في السابق؟
- قوة الرئيس أو ضعفه هي من قوة شعبيته في شعبه ومن قوة اعتماده على شعبه، أي زعيم أو أي حاكم يعتمد على جهده الخاص أو تنظيمه الخاص أو على معسكر معين أو على أي شيء آخر هذا سيكون أضعف لكن الذي يعتمد على الشعب بلا شك أنه الأقوى.
* يعني شعبيته تراجعت؟
- مش قضية شعبية تراجعت بل تراجع النظام بأكمله، أخي الشعب اليمني لم يقف هذه الوقفة إلا بعد معاناة طويلة وبعد معرفة تامة بجميع الأحوال والمجالات.
*الرئيس يقول إنه سيرحل عن السلطة لكنه بحاجة إلى أيد أمينة؟
- ألا يوجد في الشعب أيد أمينة.. ألا تذكر كلمة قالها نور الدين الأوزبكي عندما قال له أحد الأشخاص من لها بعدك يا نور الدين؟ فرد عليه :أسأت الأدب مع الله يا رجل، من كان قبل نور الدين ومن يأتي بعده.. أتدري من جاء بعد نور الدين، إنه صلاح الدين الأيوبي الذي فتح بيت المقدس،فقضية من يوجد بعد علي عبدالله صالح هذه استهانة بالشعب اليمني وكأن الشعب اليمني عاجز.
* قد يأتي بعد علي عبدالله صالح من هو أفضل منه؟
- الشعب اليمني يمتلك رجالاً وقيادات وكوادر معروفة ومغمورة ومهمشة ألا يستطيع الشعب اليمني أن يأتي بقيادة.
*هناك من يقول إن ما يحدث في الساحة اليمنية ليست ثورة شبابية شعبية كما يطلق عليها وإنما أزمة صراع بين المؤتمر والمشترك وكلا الطرفين يستخدمان الشارع؟
- أعتقد أن الذي يتأمل في الساحات وفي الثورة ومن تضم سيجد أن أبناء اليمن فيها بأكملهم ما عدا النظام وأعوانه.
* هل تعتقد أن المشترك وشركاءه يمثلون بديلا مقنعا عن السلطة الحالية ونظامها الحالي؟
- البديل هو الشعب وما يختاره لا أقول مشتركاً ولا حزباً بعينه ولا فئة بعينها فالشعب هو الذي يختار، فالذي ينبغي علينا في هذه المرحلة أن نخرج من عقدة الأشخاص والأحزاب إلى دولة المؤسسات، إلى دولة الشعب ، وهذا ما يطمح إليه الشعب اليمني.
* كيف تنظر إلى ثورة الشباب ؟
- أولاً نترحم على أرواح الشهداء وندعو الله للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل، وأقول لو لم يكن من ثورة الشباب إلا أنها أفشلت جميع المشاريع الصغيرة من الحراك إلى قضية الحوثي إلى قضية التعصبات المناطقية إلى القبلية إلى المنظمات فأصبحت كل هذه المشاريع الصغيرة لا يسمع لها صوت ، والصوت المسموع الآن هو صوت الشعب.
* وكيف تقرأ ما يحدث في صفوف الجيش من انقسام إلى طرفين، بين طرف مؤيد للثورة وطرف مساند للنظام؟
- الجيش في الأصل مؤسسة وطنية وينبغي أن يكون كذلك ، وأن تحافظ على مكانته وعلى تاريخه، وأن ينحاز إلى شعبه، لأن الجيش جيش الشعب وينبغي أن يتخلص من أن يكون جيش حزب أو شخص وأن يكون جيش الشعب والشعب وحده وأن يعرف مهمته الأساسية المتمثلة في الذود عن الوطن وحمايته وحماية الشعب.
* ما يحدث اليوم في صفوف الجيش هل يمكن أن يصل إلى صراع عسكري؟
- نأمل ألا يصل إلى ذلك ولكن الأمر يعتمد على ما يقرره النظام فإن أراد الزج بالبلد إلى أتون الصراع والقتال فإطلاق الرصاصة الأولى يكون سهلاً لكن إيقافها يكون صعباً.
*هل تعتقد أن النظام سيعمل على إطالة عمره بإيجاد صراع عسكري بين أطراف الجيش اليمني؟
- أعتقد أن الرئيس إذا تخلص من آراء من حوله لن يصل إلى هذا الحد.
*يعني لا زلت تراهن على أن الرئيس عقلاني؟
-أعتقد.. أعتقد وإن كنت ألومه في أنه لم يصدر إلى الآن قراراً باعتقال وتقديم من قتلوا أبناء الشعب اليمني إلى العدالة. . والحقيقة أن هذا مدخل على الرئيس وهي محل تهمة ولكنني أقول إذا استخدم علي عبدالله حكمته وذكاءه وعقله فإنه سيبادر إلى الاستجابة للشعب.
* كيف تنظر إلى موقف اللواء علي محسن الأحمر ؟
- الحقيقة موقف وطني شجاع يشكر عليه هذا الرجل ، وليس غريبا عليه فالرجل مشهود له بالوطنية ، وهو شخصية عسكرية وشخصية سياسية واجتماعية، له مكانته وله ثقله بين أبناء المجتمع اليمني ومعروف عند أبناء اليمن في السلم وفي الحرب و الذي زاد من مكانته عند أبناء الشعب اليمني هو موقفه الحر والانحياز إلى الشعب.
*هل تتواصلون معه؟
-نعم لنا تواصل معه ونسانده في كل ما من شأنه أن يدعم ثورة الشعب ، ويساهم في تثبيت الأمن والاستقرار.
*ما رأيك في محاولة الاغتيال التي تعرض لها؟
- هذه جريمة شنعاء والحقيقة موقف علي محسن لا يستحق ذلك ، هي جريمة في حق الرجل وفي تاريخ اليمن وفي أخلاقيات وقيم أبناء اليمن، فأن تتحرك وساطة وأن يكون في أوساطها من يسعى لاغتيال طرف من الأطراف هذه من الجرائم التي طرأت على المجتمع اليمني وعلي محسن موقفه لم يكن معادياً وإنما انحاز إلى الشعب وهذا أمر طبيعي كونه أحد القادة العسكريين المشهود لهم بالوطنية ولم يقل أكثر من (سلمية سلمية ).
* من وجهة نظرك كيف يمكن أن تدار المرحلة الانتقالية عقب سقوط النظام؟
-لا أعتقد أن المسألة فيها صعوبة بالقدر الذي يطرح، فإذا تولى الأمر مجلس انتقالي يتم من خلاله إجراء تعديلات دستورية وانتخابات مبكرة، فوجود حكومة وطنية انتقالية لا أعتقد المسألة فيها صعوبة على الإطلاق.
*كيف تنظر إلى شكل النظام السياسي في اليمن مستقبلاً؟
- قضية النظام الرئاسي معمول به في كثير من دول العالم ، وقضية النظام البرلماني معمول به وإنما أنا أميل للنظام البرلماني.
*لماذا؟
-لأنه أنجح و أقرب إلى رقابة المؤسسة من غيره.
*ما هي نظرتك للفيدرالية وأيهما أصلح لليمن فيدرالية كأقاليم أو حكم محلي كامل الصلاحية في المحافظات أو فيدرالية بين شمال وجنوب؟
-أعتقد أن كل تلك التقسيمات ستسقط بسقوط النظام، كل هذه المقولات مسألة الفيدرالية وغيرها... طبعا لا بد للحكم أن يقوم على أسس سليمة وأن نعطي الأقاليم أو المحافظات حقها ولا بد أن تلغى المركزية، لكن في ظل دولة نظام وقانون، في ظل دولة يكون القضاء فيها مستقلاً، ويكون فيها الجيش حامي حمى الشعب لا يكون لشخص ويصبح الناس كلهم سواء تحت مظلة العدل والمساواة والمؤسسات .. يا أخي قيام دولة المؤسسات سيلغي هذه القضايا .
* انضم رجال القبائل اليمنية إلى الثورة السلمية بدون سلاح ما الذي يعنيه ذلك التوجه؟
- الشعب اليمني يرتبط بتاريخه وأنه شعب بحق حضاري رغم ما مر به من فترات تجهيل وتضليل وتأخر في مجالات عدة إلا أنه شعب مرتبط بتاريخه وأثبت للعالم أنه شعب متحضر وأنه مستعد لبناء دولة مدنية حديثة وما وجود هؤلاء القبائل التي تتكلم عنهم في الساحات بصدور عارية إلا دليل على هذا.. ولعلك رأيت ما حصل في محافظة الجوف وهي محافظة مسلحة ومعروفة بهذا الموضوع ونرى أحدهم وهو يصاب بطلقة رصاص من أفراد الأمن وهو يقول سلمية سلمية، ولم يكن بينه وبين سلاحه إلا عدة أمتار في سيارته ، وهو ينادي بالسلمية، ألا يعني هذا أن الشعب اليمني وقبائل اليمن قبائل متحضرة وقابلة لإقامة دولة حديثة تقوم على أساس العدل والمساواة؟!.
* لكن هناك من يرى أن القبيلة قد تشكل عائقاً أمام طموح ثورة الشباب في بناء دولة مدنية، لأن القبيلة تحرص على عدم غياب دورها وتغيب سلطة الدولة ونفوذها السياسي والأمني؟
- هذه فزاعة مشبوهة أعتقد أن الواقع يدحضها من خلال تلاحم أبناء اليمن بكل شرائحه، ففي الساحات القبيلي الذي يستطيع أن يحمل السلاح وترك سلاحه وهو في الساحة وفي الساحات المثقفون والفنانون والمبدعون وفيها السياسيون وفي الساحات العمال، كل الشعب بكل شرائحه المهنية والاجتماعية وها هي تجتمع تحت مظلة واحدة وتنادي بالتغيير وتنادي بإقامة الدولة المدنية.
* بعض المراقبين يرى في أن المشكلة أن بعض المشائخ يحاولون أن يضعوا القبيلة كبديل لمؤسسات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها وهذا قد يتحقق لهم بمجرد حدوث الفراغ السياسي للدولة؟
- هذا متى تلجأ القبيلة لمثل هذا في حالة غياب الدولة غياب النظام والقانون، تضطر ومكرهة لهذا لكن في حالة وجود المؤسسات، دولة العدل، دولة النظام والقانون ، الدولة التي يشعر الجميع فيها أنهم يأخذون حقوقهم بالنظام والقانون .. في اعتقادي -وأنا واحد من هذا الوسط- أن القبائل والشعب اليمني كله ينتمي إلى قبائل يعتبرون أن هذه الشبهة مدحوضة تماما ولا أساس لها من الصحة، وأنهم ـ أي القبائل ـ سيثبتون ـ متحدياً بها التاريخ ـ أنهم من أقرب الناس إلى المجتمع المدني إن وجدوا دولة العدل والقانون، دولة المساواة.
*يعني فقط هم يبحثون عن دولة النظام والقانون؟
-نعم.
*حاليا هناك انقسام في الوسط القبلي بين مؤيد للسلطة ومعارض لها وهذا ما يعتبره البعض أنه قد يدخل الأزمة اليمنية نفقا مجهولا.. ما رأيك؟
-هذا أمر طبيعي أن يختلف الناس لكن المسألة تحكم بالأغلبية وتحكم المسألة بين الحق والباطل وبين الخطأ والصواب هذا الفيصل في الأمر، أما مسألة أن نحكمها برغبة فلان أو علان من الناس قد لا تجتمع الناس على كلمة لكن أين الأغلبية وما هي مطالبها ومن الطبيعي أن يوجد معاونون للنظام من مستفيدين ومتنفذين وهذا أمر طبيعي وأن يحافظوا على هذا.
*هل قد يقود ذلك إلى مواجهات قبلية بين القبائل المؤيدة والمعارضة؟
 
 - لا أعتقد أبداً.. لأن القبائل اليمنية تخشى أن يبقى ثأر بينها لأسباب نظام أو سلطة معينة، فالقبائل اليمنية عقلاء ولعلك تلاحظ ما يحصل منهم في الساحات الآن.
*هل لا يزال النظام يراهن على الورقة القبلية وخصوصا في مأرب؟
- سقطت ولله الحمد ... وها هم قبائل مأرب يحمون المعسكرات ويحمون المنشآت ويحمون الطرقات بما أوتوا من جهد وهذا دليل على أن هذه الفزاعة بإذن الله انتهت.
*كم هي النسبة التي تعطيها لمساندي ثورة الشباب من مشائخ وأعيان مأرب وكم مؤيدو النظام؟
-أعتقد أنك كصحفي وإعلامي تستطيع من خلال اللقاءات ومن خلال المؤتمرات ومن خلال وجود الناس في الاعتصامات كماً ونوعاً أن تميز كم مع الثورة وكم مع النظام.. المسألة في مأرب معروفة بالأسماء، الناس متعارفون ويعرف بعضهم البعض عن قرب وعن كثب فالأسماء التي تقف مع النظام معروفة، أسماء بعدد الأصابع ولهم مكانتهم ونحترمهم لكن هذه هي الحقيقة، إنما الأغلبية تقف مع الثورة ومع الشباب.
*أنت شخصيا هل يتواصل معك الرئيس صالح؟
- لي فترة طويلة لم أتواصل معه رغم أنه تواصل معي في بداية الأزمة وحاول أن يتصل بي فاعتذرت لأن الأمر لم يعد قابلاً للمجاملة فالأمر جد والشعب حزم أمره ومن الصعب أن يتخلى شخص من الشعب عن شعبه وينحاز إلى شخص أو إلى نظام.
*يعني حاول الرئيس الاتصال بك؟
-نعم حاول الاتصال عبر أشخاص أصدقاء ويعزون علينا كثيراً وعليه وحاولوا أن يتصل بي إلا أني اعتذرت.
* حتى العام 2003م كنت عضواً في مجلس النواب عن المؤتمر الشعبي العام هل لا زلت تنتمي للحزب؟
-أنا انسحبت من المؤتمر من أواخر التسعينيات ولم تعد لي به أي صلة.. وذلك عندما رأيت المؤتمر ينحو مناح خاطئة مع الأسف في كثير من التصرفات، فرأيت أن انسحب منه وابتعدت من ذلك الحين وطلب مني أن أترشح باسم المؤتمر في 2003م فرفضت رفضاً مطلقاً.
*يعتقد الكثيرين أن البيئة القبلية مأرب وشبوة والجوف وأبين تشكل بيئة آمنة للقاعدة هل من تفسير؟
-أولا هذا التقييم خطأ وأن هذه البيئة ترفض القاعدة أو أي حركات متطرفة بأي حال من الأحوال إلى أي جهة كانت تنتمي وأعتقد أن العدد لا يتجاوز أصابع اليد إن وجد.. وأؤكد أن هذه فزاعات النظام التي يسوق بها هذه المحافظات ، وقد قلنا سابقاً هذا الموضوع ليس له أساس من الصحة ، ويقصد به الابتزاز لهذه المحافظات كون هذه المحافظات فيها الثروة والقبائل مسلحة وعمل النظام خلال هذه الفترة الطويلة في السنوات الماضية على أن يعلق هذه الفزاعة أو الشماعة بهذه المحافظات .
*يعني وجود النظام يشكل بيئة مناسبة للقاعدة؟
- هذا هو الصحيح بشكل أو بآخر.
*هل يمتلك المشائخ القدرة على مكافحة القاعدة أو الحد من نفوذها؟
- يا أخي قضية المنظمات سواء القاعدة أو غيرها لا تستطيع فئة أو حزب أو قبيلة مكافحتها لوحدها.. المسألة تحتاج إلى أن تقف الدولة بكل مؤسساتها وبكل ما تملك من قوة، لأن المسألة أحيانا فكرية وأحيانا توجيهية وأحيانا أمنية وأحياناً سياسية، فالمسألة تحتاج إلى جهود متكاملة ترعاها الدولة وتكون الدولة على رأس من يقف أمام هذه المنظمات ، وإنما للقبائل دور في حماية مناطقهم وحماية بلادهم وهذا ما هو حاصل الآن.
*يقال إن مشائخ مأرب يتقاسمون نسبة من إيرادات النفط ما مدى صحة ذلك؟
-لا أساس له من الصحة.
*يعني لا يصلهم شيء؟
-لا أساس له من الصحة، لا يصلهم إلا التعب والنصب، لا يصلهم إلا أن يقفوا بأموالهم وبأحوالهم لمراضاة قبائلهم وحماية هذه المنشآت.
* وماذا عن توزيع وظائف شركات النفط ونصيب القبائل منها؟
- عند بدء شركات النفط وضعت شروط أن تكون الأولوية لأبناء مأرب إلا أنها تلاشت هذه الأولوية وحصل التفاف عليها من قبل الدولة وحازت أبناء مأرب إلى النسبة الضئيلة جداً، وفي آخر العشر السنوات الأخيرة أصبح لا يوظف إلا من ارتبط بأحد الأجهزة الأمنية، وإذا لم يكن مرتبطاً بهذه الأجهزة فلا مكان له ولا مجال في الشركات أو أي أعمال أخرى.
*هل كانت هناك من آلية مكتوبة أو اتفاقية؟
-كانت هناك اتفاقيات تعطي الأولوية لأبناء مأرب وتوجيهات رئاسية وتوجيهات من رئاسة الوزراء.
*ما تفسيرك لضعف التنمية في مارب وحرمانها طوال هذه العقود؟
-تجاهل الدولة والنظام لهذه المحافظة رغم المطالبات ، أبناء مأرب طالبوا كثيرا وتقدموا بمطالباتهم على مستوى فردي وجماعي وعبر قنوات كثيرة آخرها ملتقى مأرب الذي عقد في 2007م ، وطالب بمطالب شعبية كبيرة مثل قضية التنمية وحدد في رؤيته أن وجود الاستقرار مرتبط بوجود تنمية شاملة في المحافظة لكن مع الأسف لم نجد آذانا صاغية.
* في تقرير المجلس التنفيذي لاجتماع الهيئة العليا في مارس العام الماضي كان هناك حديث عن قضية تحويل الملتقى إلى حامل سياسي اجتماعي لمأرب إلى أين وصلتم في هذه النقطة تحديدً؟
- الملتقى الحقيقة يقوم بدور طيب على المستوى الخاص ما يتعين عليه أن يقوم به في المطالبات باسم المحافظة وفي قضايا الشأن العام فله دوره في كل هذه القضايا السياسية والمطلبية وإذا رجعت إلى أدبيات الملتقى ستجد الجواب الشافي.
* المنشآت النفطية في مأرب هل ستكون في مأمن من التخريب في حال تفاقمت الأوضاع لا قدر الله مستقبلا؟
- بإذن الله تعالى .. الناس وبالذات أبناء المحافظة اتفقوا على أن يقفوا دون هذه المنشآت وأن يحموها مما يحمون منه بيوتهم وأبناءهم وإخوانهم ويعتبرون المنشآت منشآت الشعب والوطن.
*ما هي الآلية لتلك الحماية ؟
-طبعا.. بدأوا الآن وهم متواجدون في المناطق المجاورة لكثير من المنشآت بغرض الحماية.
*هل كلجان شعبية؟
-يعني هم الآن يعملون في حالة سقوط النظام أو حدوث خلل في الدولة على القيام بدورهم من أجل حماية المنشآت والممتلكات العامة والخاصة.
* وهل هناك اتفاق بين المؤيدين والمعارضين على ذلك؟
- هذه النقطة الوحيدة التي توافقوا عليها وهناك اتفاق أن يحموا المنشآت جميعاً.
*متى برأيك سيغادر أبناء مأرب مربع الثارات والصراعات القبلية؟
- عند وجود دولة النظام والقانون والعدل والمساواة.
*هل تحلم بهذه الدولة؟
-الطموحات والأهداف التي قامت عليها ثورة الشعب، ثورة الشباب بإذن الله أنها ستلبي الطموحات إذا تحققت هذه الأهداف.
*هل لكم أي تواصل بقيادة معارضة الخارج؟
-نعم أنا أتواصل مع قيادة معارضة الخارج والداخل ونتناصح مع الجميع في قضية الحفاظ على اليمن في قضية الوقوف صفا واحداً لإيجاد دولة النظام والقانون، لإيجاد دولة تليق باليمن، لإيجاد دولة ترتقي باليمن ليس إلى مصاف الدول المتقدمة وإنما إلى مصاف الدول ولو حتى في حدها الأدنى.
* السؤال السابق هو حول تواصلك تحديداً مع الشخصيات المعارضة في الخارج ؟
ـ مثل من .
* علي ناصر محمد والعطاس وغيرهما؟
-نعم .. لي تواصل جيد مع الرئيس علي ناصر محمد، ونتواصل في كل الأحداث
*متى آخر مرة تواصلت مع علي ناصر ؟
-تواصلت معه بداية الأزمة.
*هل يمكن أن تطلعنا على مجمل ما دار بينكما؟
- حول الحفاظ على وحدة اليمن وضرورة التغيير.
* وبالنسبة للعطاس ومحمد علي أحمد وصالح عبيد؟
- تواصلنا معهم حول قضايا اليمن ،حول الوحدة.. و الحقيقة أن أبناء الجنوب أكثر وحدوية منا،لكن مع الأسف واجهوا نظاماً أقصاهم وهمشهم وأبعدهم كثيرا والتف عليهم.
*ماذا لمست من تلك القيادات بخصوص الوحدة؟
- الكل يقول إن وجد التغيير فالوحدة لا غبار عليها، ولا ضرر سيطالها بإذن الله ولا خطر عليها على الإطلاق.
*وهذا موقفهم؟
-نعم موقفهم، إن وجد التغيير ودولة نظام وقانون فإن اليمن سيظل موحدا بإذن الله إلى الأبد.
* كيف تنظر إلى الثورة العربية من تونس إلى مصر إلى اليمن؟
- في الحقيقة جاءت تلك الثورات في الوقت المناسب وهي لم تكن وليدة الساعة ولم تكن بعاطفة ولا تأثر كما يصورها البعض.. هي نتيجة معاناة ونتيجة رص صفوف عقود من الزمن ولسنوات طويلة والشعوب ترص صفوفها وتتأهب لتلك اللحظة ، إلا أن الذي أثار الأمر وفي مصر بالذات قضية الانتخابات وذلك التزوير الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً والذي أقصى كل القوى الفاعلة في مصر فكانت تلك القضية من الأسباب المعجلة بالثورة..الثورات العربية الموجودة مروراً بتونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها من البلدان هي نتيجة معاناة طويلة، والشعب العربي يتوق إلى الحرية، يتوق إلى بناء الدولة المدنية إلى دول توجد فيها تنمية شاملة إلى دول ترقى بالوطن العربي إلى مصاف الدول، والوطن العربي يمتلك من الثروات والمكان الجغرافي ومن قدرات الإنسان ما يمكنه من التطور والرقي إلى أبعد من الواقع المعاش.
*هل يمكن أن تعم رياح التغيير الوطن العربي؟
- تختلف الدول العربية من دولة إلى أخرى وكل بلد وله خصوصيته لكن بعض الجمهوريات التي أصبحت وكأنها ملكية لعائلة معينة كانت شعوبها السباقة.. بمعنى أن الدول التي كانت تدعي أنها دول جمهورية وديمقراطية وهي ملك لعائلة أو أسرة خاصة، سبقت غيرها من الدول إلى طريق التغيير.
*كلمة أخيرة؟
- أوجه كلمتي لعلي عبدالله صالح وأنصحه ألا يستمع إلى أولئك النفر الذين لا هم لهم سوى مصلحتهم الخاصة وأن ينظر إلى مصلحة الشعب وأن يدرك تماما أن الشعب لا يقهر ولا يلوى ذراعه وأن يترك المكابرة والمقامرة، فهو لا يتنافس مع قائد عسكري ولا يتنافس مع شيخ قبيلة ولا مع حزب معين ولا مع منطقة معينة متمردة ، وإنما مع الشعب اليمني بأكمله وبكل فئاته وكل شرائحه .. فأرجو أن لا يختم حياته بزيادة الكلفة وزيادة من الدماء بين أبناء اليمن وأن يبقي على ما تبقى من تاريخه وأن يستجيب لأبناء شعبه.
أما رسالتي إلى شباب الساحات فأقول لهم أنتم من شرف اليمن وشرف تاريخ اليمن ، وعليكم الصمود واستمروا في سلميتكم فإن سلمية الثورة جعلت العالم أجمع ينظر إلى هذا الشعب اليمني الذي يقال عن امتلاكه 60 مليون قطعة سلاح والذي يقال عنه شعب تحكمه القبيلة وتتفشى في أوساطه الغوغاء .. أثبت للعالم أنه قادر أن يجلس ويعتصم في الساحات وأن يثبت فيها لشهور من الزمن ومستعد للمواصلة أكثر وينادي بـ (سلمية سلمية) إنها مفخرة والله .. وإننا ندعوهم ونشد على أيديهم ونقول لهم الصمود والصبر والثبات على نهجكم السلمي الرائع.