السبت، 6 فبراير 2016

سنة سوداء .. ! مقال يحكي مأساة شعب ومعاناة وطن

سنة ســوداء .. !

• ســام الغـُباري

- ٣٦٠ يوماً لم أرى عائلتي ، إختطفني الحوثيون قبل سنة وأودعوني سجونهم ، مازلت أتذكر كل شيء ، أياديهم ، أعقاب بنادقهم ، شتائمهم ، وجوههم ، اسنانهم السوداء ، مكرهم ، عيونهم الوقحة ، خرجتُ من خلف قضبانهم ، نجوت بمعجزة ، ومكثت وسط عائلتي أياماً ليست طويلة كفاية ، وقد صِرت مُهدداً برصاص الخاطفين ، إخترقت منزلي أعيرتهم غير مرة ، وصلت إلى غرف المعيشة ، وإلى داخل دكان والدي ، كادت أختي التي تزوجت قبل شهرين تقضي حياتها برصاص طائش ملعون . نهبوا سيارتي ، أرادوا إذلالي بكل شيء ، هددني محافظ المحافظة "حمود عباد" الذي غادر إلى الأردن لشراء منزل فخم مع عائلته الكبيرة بالقضاء عليّ ، وقال لي شيخ من أولئك المرتزقة الذين صنعهم "علي عبدالله صالح" ومنحهم بطائق رسمية لإثبات هويتهم الضالة أنه بريء مني ، سيتركني لقدري في مواجهة طاغوت مجنون .
كانت ضربات التحالف العربي تقصف معسكرات الحوثيين المحيطة بمدينتي ، وسيارات الإسعاف تخترق شوارع المدينة ، وأنا على شرفة المنزل خائف من كل شيء .
- هربت من عيون الخبث السلالي ، من كاتم الصوت ، وسجون الرعب ، وتهم الإرهاب التي يُلصقها الحوثيون بخصومهم ، من تنصت جارنا الوغد ومراقبته لتحركاتي ومواعيدي، وجواسيس المقايل الذين أقاموا على حياتنا جداراً من الخوف البوليسي ، كان رفيق رحلتي شيخ كبير وطيب ، إسمه "حمير المصري" غادر معي مؤمناً بقضية الجمهورية ، وجد الأمل في مملكة الخير السعودية ، وكان في حدود منفذ "حرض - الطوال" يشد على جنود المملكة ألا يرفضوا السماح لنا بالعبور آمنين إلى أراضيهم المضاءة كجنة تجاور الجحيم ، وكانوا كما توقعنا ، كراماً طيبين ، أخوة لا يضار عندهم أحد ، ولا يموت بينهم جائع ، ولا يهان عزيز ، ولا يُذل إنسان .
- لماذا هربت ؟ وهرب الالاف مثلي ، لماذا يقتلنا الحوثيون ؟ ، لو أننا تركناهم يفعلون ما أرادوا لكانت اليمن مسرحاً لتصدير الإرهاب والموت إلى دول الخليج ، كانت بلادي ستصبح محطة لإيران ، عاصمة رابعة يسيطر عليها جنون الامبراطورية الفارسية ، بإسم المذهب والولاية الكهنوتية .
لو أننا صفقنا لهمجية قروده المتناسلين من جبال البغي والفوضى ، لكان حالنا اليوم أسيراً لصفقات الجنون والعبودية ، وإنتكاس مريع لحقوقنا في الكرامة والحرية ومنطق المواطنة المتساوية ، وفطرتنا في اختيار من نراه حاكماً شرعياً يمثلنا ولا يعتقل أصواتنا ويختطف رئيسنا ويهوي بنا إلى ما قبل خمسين عام من الهوية السبتمبرية الخالدة .
- لماذا نُقاتل الحوثي وأعوانه البائسين ؟ لأنه حرمنا من وجوه عيالنا وآبائنا ، ووجه أختي التي تضحك حين تراني ، لأنه قض مضجعي ، وشردني كما شردكم ، وجُعِل يفتك بكم وبمنازلكم ، يُنشئ القوانين العُرفية ويحكم على الناس بمنطقه الأهوج ، وليس لنا ظهر ، لا سند ولا معين سوى إرادة الله التي قهرت آماله وأظلتنا بغمامة الهجرة إلى حيث هاجر النبي وأصحابه من قسوة أبي لهب وأهل الكُنى المستعارة .
هربنا لأننا لم نعرف من هم أعدائنا ، أو خصومنا الذين ينهبون كل مسمار وقرطاس ! ، جنودهم وتكويناتهم ومشرفيهم وأوغادهم يتخفون وراء أسماء مستعارة مثلما كان "صالح" يتحصن خلف عائلة الأحمر لثلاثة وثلاثين عاماً ، لنكتشف مع ثورة الربيع العربي أنه (عفاش) ، يا لسخرية القدر ! .
- شعب كامل ، أعوام طويلة ، طويلة جداً ، ونحن على ضلالة ، الجيش ، الأمن ، الوزراء ، الأقوياء ، أولئك الذين حسبناهم مخيفين وغلاظ شداد قهرتهم إرادة صبية الأحياء التائهين في عدن وتعز ، كسرتهم ، أذلتهم ، هدمت غرورهم ، وأهانت كبريائهم ، قتلتهم وملئت جثثهم بمحافظات النعي الآثم ، حتى الحوثيين الذين اخترقوا أعتى قبائل اليمن بسهولة ، سفحتهم عدن المدللة ، وأذاقهم رجال "الوازعية وشرعب والحجرية والتربة والمخلاف" في تعز طعم الموت وعذاب جهنم قبل القيامة .
- عام كامل وأنا بعيد عنكم يا عائلتي واصدقائي ، مازلت كما أنا ، ذلك البريء الذي يعلو صوت شخيره في المنام ، الدب الكبير ، الرياضي الفاشل ، العاطفي ، القلق ، كثير الأسئلة ، أحاول أن استفيد في غربتي وإغترابي ، من ضوء المساء الذي يدفئني كشمس "الرياض" التي تشدهني بترتيبها وأناقتها وازدحامها ، وحتى سياراتها التي يختفي وراءها شعبٌ كبير لا نراه إلا في مساجد الله .
- كنت سجيناً ، فصِرت هارباً ، بلدي ضاقت بي ، الرحمة التي عرفتها في اليمنيين تحولت إلى قسوة عاتية ، تلتقي تبريرات القتل لتزيد جحيم التوتر والصراع ، يخبو صوت العقل ويتنمر المتمردون ، القوة الظاهرة في عتادهم وآلياتهم نالتها طائرات التحالف و أذاقت كل من صادر حقوقنا وشردنا واختطف أنبل رجالنا وأهلنا مرارة القرار المتهور ، والمؤامرة الرهيبة .
- عام أسود بدأ منذ أول لحظة لإختطافي من أمام منزلي ، ومايزال مستمراً ، حالكاً ، هي اليمن التي لا يطيق أحدٌ الرحيل عنها ، مهما فعلت به وفعل بها ، إنها قصة أمل ، حبر تاريخ طويل من الجنون اللذيذ ، نكهة القمح وسُمرة الوجوه ، سخرية الناس ، جلدهم العظيم في النضال والتحدي رغم كل الفساد المنتشر حولهم ،عشقهم لخرافة الزعماء ، وأساطير البادية ، وحسد القبيلة ، وجوه الموت الشاحب ، صواريخ الانقلابيين ، لغة السلالة التي تدعي أنها وحدها التي خُلقت من بخار السحاب المكثف ، ونزلت إلينا مع المطر ، كانوا عقاباً منذ ألف عام ، وما يزال الله يرمينا بهم ، لكأنه يُطهر ذنوبنا العارية ، ويعدنا على الصبر والإحتمال جنته وفردوسه الأعلى .
- أنا بعيد ، لكنكم حولي ، لا أنسى أحداً منكم ، أيها الاصدقاء المقربون ، أيها الخائفون من مجرد ذكر إسمي أمام صعاليك الحوثي المشردين ، وقد دافعتم عني في شوارع المدينة بقوم كالنمل ، يدبون في الأرض ، يصرخون رافضين ، وكلما قهر الحوثيون أحدهم ، غادر إلى "سبأ" ، أرض السد والماء والسلام ، حمل السلاح وذهب لمقاومة مد من كائنات الطين الفانتازية ، ومن هناك تنطلق الرصاص وتتفجر الرؤوس ، المشهد محاكً لصور أشرطة ألعاب البلاستيشن .
- كل الأسئلة تقاومني ، وتدعوني إلى خيال خصب لا أعيه ، لماذا لا يستسلم الحوثيين ؟ ، لماذا لا يعود الرئيس ويتراجع السابق عن كيل العناد ورفع منسوب القلق والصراع ، لماذا يجب أن ننسى رجال الحروب الست في صعدة ، ونتذكر كل الذين مروا من لائحة الإنقلاب لنجعل أوراق نعيهم خضراء ، ولا يجوز أن يمثل هذا اللون إشارة إلى أي جنة يمكنها أن تنتظر هؤلاء المعتدين .
- لقد إعتدوا علينا الآف المرات ، لكنهم لم ينتصروا ، كلما أستقام لهم حُكم ، إنتفض عليهم رجال البأس والقدرة ، منذ يعفر والرسوليين ، وقبلهم علي بن الفضل وقادة النضال الوطني التاريخي ، منذ اليوم الذي سجنوا فيه "الهمداني" وهو يوثق حياة اليمنيين وقراهم وحصونهم وحضارتهم ، خسر الطبرستانيين وأحفادهم معارك السيطرة على العِرق الهاشمي ، فهنا اليمن أيها الأدعياء ، تبابعة المُلك والحُكم ورجال القدرة والإقتدار . لا صوت يعلو على بهجة اليمني ، ولا رأس يُرفع ، ولا شأن يُعلى ، ولا كرم يُذكر ، ولا عِلم يُنسب ، ولا عروبة تُفتخر مالم يكن لها أصل من اليمن ..
فمن أنتم ..؟
- في التاسع من فبراير ٢٠١٥م ، أُختطفت ، واتهمت في نزاهتي الشخصية ، وانتصرت .. خرجت ، ثم هربت شريداً ضائعاً كبلادي  ، كنت أراهم يحاصرونني في القضاء والنيابة والمباحث والسجون ، أدركت أننا خُدعنا لأكثر من خمسين عاماً ، الجمهورية لم تُفلح ولم تتحقق ، عائلة من "سنحان" ورثت الحُكم الإمامي ، مازال اللاوعي في داخلهم يحاكي طبيعة الإمامة ، وعِشق التصرفات التي ما تركت في باطنها نصيب من اليمنية الخالصة التي عشقها علي عبدالمغني وعبدالرقيب عبدالوهاب وحسن العمري وغيرهم .
- يوم كُنا نراهن على العائلات قضينا على الجمهورية ، حين زيفنا وعي الشعب بالزعيم ، القائد ، قفز لقب السيد ليسيطر على المشهد دينياً وسياسياً وحربياً ، له من الأطفال جيشٌ قهر القادة والألوية العسكرية التي لم تُنجب شيئاً سوى الأموال الباطلة التي عاقرها الفساد والمحسوبية المدمرة .
- ماذا سنفعل الآن ؟ ، أطفالنا يُقتلون ، ويقاتلوننا ، أي وحشية هذه ! أنا حزين ومقهور ، الأمهات اللائي أنجبن أطفالاً وقذفنهم إلى الجبهات الساخنة ، يصنعن الكعك لهم ، يقتلن فلذات أكبادهن الذين ما عرفوا تعليم ولا أبوة ولا أمهات راشدات ، سنة سوداء بلا دولة ، إغتصاب جماعي للقبيلة والشعب والناس والحياة والمجتمع ، إنها أسوء أيامنا كارثية ولعنة ، وما لم يقف معنا شعب الخليج وحكوماته وموارده بقدرات هائلة وإستراتيجية تنمية وطنية لا تستثني منطقة أو زاوية ، ما لم يعُـد أطباء اليمن وخبراءه ونجومه ورجاله ومهندسيه الضائعين في دول العالم للعمل من أجل المستقبل بكل عشق وإخلاص ، فلن تنتهي المأساة ، ولن يعود العقل من إجازته الطويلة !
..
وإلى لقاء يتجدد
#سام_الغباري
تابعوا قناة الكاتب على التيلغرام
https://telegram.me/samgh2u

نص حوار سابق في العام 2011 مع الشيخ سلطان العرادة محافظ محافظة مأرب حول الثورة والتغيير السلمي




سلطان بن علي العرادة ... احفظوا هذا الاسم جيداً ..انه الشيخ القبلي التواق للمدنية .. البرلماني السابق الشهم القادم بشخصية استثنائية ممزوجة تركيبتها بأخلاقيات القبيلة وثقافات المجتمع المدني وتجعل منه قامة جذابة بكاريزما قيادية لها وقع خاص.. يعرفه كل من يعرف هذا الشيخ المثقف.. المتواضع.. الحكيم.. المقدام.. البعيد عن الأضواء اختيارياً.. القريب من الأحداث إيماناً بالوطن ووفاءً مع قضايا المواطن.
في هذا الحوار الشامل الذي وافق عليه العرادة بعد عودته من الخارج.. وفي حالةٍ جريئة.. خرج الشيخ سلطان عن الصمت.. غادر مساحة المتأمل مقتحماً ساحة المتكلم.. بعدما رأى ضرورة أن يشارك في ثورة الشعب الذي غادر دوائر الخوف واقتحم دوائر المربعات الملغومة.
يطل الشيخ سلطان 52عاماً ـ ثالث أولاد المرحوم علي بن مبخوت العرادة ـ على القراء ليخاطبهم بقلب شجاع وكلمات ثاقبة سيصل صدى حروفها إلى ابعد مما كان متوقعاً...وهذا الظهور السلطاني نأمل أن يكون مدخلاً جديداً تكون له آثار تدفع بالرجل إلى المكان الذي كان مفترضاً أن يكون فيه منذ عناء الساحة من فراغ القادة الحقيقيين.. الشيخ سلطان بن علي العرادة قيادي في ملتقى مأرب .. يعتبر من مؤسسي المؤتمر الشعبي العام وبين الألف الاسم الأولى في قائمة التأسيس ، وهو أول عضو لجنة دائمة من مأرب 1982م، قبل أن يقطع صلته بالمؤتمر في أواخر التسعينيات ويرفض الترشح باسم المؤتمر في 2003م .. في الحوار التالي كشف الشيخ سلطان اعتذاره عن الرد على اتصالات الرئيس صالح ، وتواصله مع علي ناصر محمد وأوضح رأيه في مختلف القضايا التي تشهدها الساحة اليمنية .
  
*كيف تقرأ المشهد السياسي في البلاد؟
-المشهد السياسي في اليمن لم يعد خافياً على أحد وهو واضح من خلال تواجد أبناء الشعب اليمني في ساحات التغيير بدءاً بالعاصمة وانتهاءً بأبعد محافظة في الجمهورية من الغيضة إلى صعدة وهي تعج في ساحات الحرية وساحات التغيير بكل شرائح المجتمع اليمني، من العامل إلى المزارع والمثقف السياسي إلى العالم، إلى الشيخ، إلى الجندي إلى الضابط، كل شرائح المجتمع موجودة في هذه الساحات وتطالب كلها مجتمعة بالتغيير.
* تباينت الآراء واختلفت وجهات النظر بين شباب الثورة والمعارضة والسلطة بشأن المبادرة الخليجية ما هي وجهة نظرك حيال هذه المبادرة؟
- الحقيقة دول مجلس التعاون الخليجي تربطها باليمن علاقات وطيدة ووثيقة ولا شك بأن اليمن ودول الخليج يتأثرون سلباً وإيجاباَ مع بعضهم البعض، يؤثرون ويتأثرون ببعض ، وليس هناك من شك في أنهم مهتمون كثيراً بشأن اليمن ونشكرهم على ذلك،والمبادرة أعتقد حصلت لها قراءة من جانبين: قرأها النظام أو حاول أن يقرأها على ما يريد، وقرأها الشعب بقراءة أخرى وينبغي على مجلس التعاون الخليجي أن يفسر المبادرة لأن المطلب واضح ، وقضية المماطلة في مطلب انتقال السلطة بشكل فوري لا أعتقد أنه يصل باليمن إلى بر الأمان.
*أنت مع المبادرة لكن مع تفسير نصوصها؟
-مع تفسير نصوصها وتوضيحها من قبل أصحاب المبادرة وعليهم أن يقرأوا الواقع اليمني.
*قراءة الواقع من أي زاوية؟
- من زاوية وجود الشعب، لأن المسألة ليست مسألة وجود حزب أو حزبين أو محافظة متمردة أو منظمة متمردة أو وحدة عسكرية متمردة بل هو الشعب كل الشعب بكل فئاته وشرائحه.
*ما هي الأطراف التي ترى مشاركتها في حوار الرياض إذا ما تم الإجماع حول التوافق بشأن المبادرة؟
- كل أطراف الثورة جانب والنظام في الجانب الآخر.
*إلى أي مدى تتشابه الأزمات المتعاقبة في التاريخ اليمني والأزمة الحالية ؟
-لا أعتقد أن الثورة الشعبية الموجودة حالياً في اليمن تتشابه مع أي حدث لا في التاريخ اليمني الحديث وربما القديم، فلم يشهد اليمن وقفة الشعب اليمني بأكمله أو معظم الشعب ولعلنا لسنا مجازفين إذا قلنا أنه بأكمله.. أن يقف الشعب اليمني بأكمله يطالب بتغيير النظام، فلم يحصل مثل هذا في اليمن الحديث ولا القديم ، نعم حصلت ثورات حصلت مشاكل لكن ليست في مثل الرقي الذي تشهده ثورة اليمن اليوم.
*إلى أين تسير الأوضاع؟
-الأوضاع وبلا شك تتجه نحو التغيير .. و لنا أمل أن يعقل أبناء اليمن وأن يعي الكل ما يدور وخاصة النظام وفي مقدمتهم الرئيس علي عبدالله صالح الذي عليه أن يعي الوضع تماما وأن يقرأه قراءة متأنية بذكاء وحكمة ومعرفة وهو من أعرف الناس باليمن.
* يعني المرحلة القادمة ترى أنها قد تكون مرحلة انفراج للأزمة أم أنها ستكون زيادة في التعقيد؟
- الانفراج بإذن الله قادم بأي حال من الأحوال لكن نأمل أن يكون بأقل كلفة ونأمل أن يعمل علي عبدالله صالح من أجل ذلك ، وأن يقرأ الواقع قراءة متأنية وأن لا يعتمد على من خدعوه بالتقارير طوال فترة رئاسته، الذين حالوا بينه وبين شعبه والذين حالوا بينه وبين منجزاته وحولوها إلى دمار وأن لا يستمع لهم في آخر المطاف حتى لا يندم على ما بقى.
*من وجهة نظرك علي عبدالله صالح يسير على خطى القذافي أم خطى مبارك؟
- إلى الآن لا أستطيع الفصل في القضية على وجه التحديد لكن أملي أنه سيعقل.
* إلى أي مدى تعتقد أن النظام الحالي لا زال يصلح لحمل اليمن نحو المستقبل؟
- النظام الحالي لم يعد قادرا على حمل اليمن وأصبح عاجزا ولم يعد بيد النظام شيء.
*إذاً كيف تنظر إلى إصراره على البقاء؟
- إصراره على البقاء إسهام في الأزمة.
*هل نفهم أن الطرق قد سدت وأنه لم يعد أمامه سوى الرحيل؟
- يا أخي لم يبق شيء أمام النظام.. النظام يحكم من؟،من يحكم؟ هل يحكم الشعب اليمني؟.. يا أخي هذا هو الشعب وإن كان يحكم فئة أو عصبة من الناس فليتكلم وإن كان يحكم الشعب اليمني بأكمله فلينظر إلى الشعب اليمني ولينظر إلى ساحاته، أنا أقول إن الشعب اليمني المتواجد حالياً في الساحات كماً ونوعاً أمر ملفت.
*لكن النظام الحاكم لم يستنفد كل قواه حيث لا يزال لديه مؤيدون كثر بحسب ما يظهر في حشود السبعين والتحرير؟
- النظام يعرف المحتشدين بالجانبين، يعرف كيف جاء هذا وكيف جاء ذاك..فهو يفهم جيدا أن الشعب اليمني جاء من تلقاء نفسه وانطلق من منطلق معاناة ومن فهم ومعرفة لواقعه... الشعب اليمني ليس مأجوراً ولم يأت لمصلحة معينة ولا لهدف قصير المدى.
*الحشود التي تظهر أمام الرئيس ليس غرضها مساندة الرئيس وإنما المصالح التي يبتغونها؟
-أنا أقول نوكل هذا الأمر إلى الرئيس شخصياً.. هو يعرف تماماًً كيف جاءوا وكيف حشدهم .. هو يعرف جيداًً أكثر من غيره.
*هل تعتقد أن الرئيس أضعف بكثير هذه الأيام من ما كان عليه في السابق؟
- قوة الرئيس أو ضعفه هي من قوة شعبيته في شعبه ومن قوة اعتماده على شعبه، أي زعيم أو أي حاكم يعتمد على جهده الخاص أو تنظيمه الخاص أو على معسكر معين أو على أي شيء آخر هذا سيكون أضعف لكن الذي يعتمد على الشعب بلا شك أنه الأقوى.
* يعني شعبيته تراجعت؟
- مش قضية شعبية تراجعت بل تراجع النظام بأكمله، أخي الشعب اليمني لم يقف هذه الوقفة إلا بعد معاناة طويلة وبعد معرفة تامة بجميع الأحوال والمجالات.
*الرئيس يقول إنه سيرحل عن السلطة لكنه بحاجة إلى أيد أمينة؟
- ألا يوجد في الشعب أيد أمينة.. ألا تذكر كلمة قالها نور الدين الأوزبكي عندما قال له أحد الأشخاص من لها بعدك يا نور الدين؟ فرد عليه :أسأت الأدب مع الله يا رجل، من كان قبل نور الدين ومن يأتي بعده.. أتدري من جاء بعد نور الدين، إنه صلاح الدين الأيوبي الذي فتح بيت المقدس،فقضية من يوجد بعد علي عبدالله صالح هذه استهانة بالشعب اليمني وكأن الشعب اليمني عاجز.
* قد يأتي بعد علي عبدالله صالح من هو أفضل منه؟
- الشعب اليمني يمتلك رجالاً وقيادات وكوادر معروفة ومغمورة ومهمشة ألا يستطيع الشعب اليمني أن يأتي بقيادة.
*هناك من يقول إن ما يحدث في الساحة اليمنية ليست ثورة شبابية شعبية كما يطلق عليها وإنما أزمة صراع بين المؤتمر والمشترك وكلا الطرفين يستخدمان الشارع؟
- أعتقد أن الذي يتأمل في الساحات وفي الثورة ومن تضم سيجد أن أبناء اليمن فيها بأكملهم ما عدا النظام وأعوانه.
* هل تعتقد أن المشترك وشركاءه يمثلون بديلا مقنعا عن السلطة الحالية ونظامها الحالي؟
- البديل هو الشعب وما يختاره لا أقول مشتركاً ولا حزباً بعينه ولا فئة بعينها فالشعب هو الذي يختار، فالذي ينبغي علينا في هذه المرحلة أن نخرج من عقدة الأشخاص والأحزاب إلى دولة المؤسسات، إلى دولة الشعب ، وهذا ما يطمح إليه الشعب اليمني.
* كيف تنظر إلى ثورة الشباب ؟
- أولاً نترحم على أرواح الشهداء وندعو الله للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل، وأقول لو لم يكن من ثورة الشباب إلا أنها أفشلت جميع المشاريع الصغيرة من الحراك إلى قضية الحوثي إلى قضية التعصبات المناطقية إلى القبلية إلى المنظمات فأصبحت كل هذه المشاريع الصغيرة لا يسمع لها صوت ، والصوت المسموع الآن هو صوت الشعب.
* وكيف تقرأ ما يحدث في صفوف الجيش من انقسام إلى طرفين، بين طرف مؤيد للثورة وطرف مساند للنظام؟
- الجيش في الأصل مؤسسة وطنية وينبغي أن يكون كذلك ، وأن تحافظ على مكانته وعلى تاريخه، وأن ينحاز إلى شعبه، لأن الجيش جيش الشعب وينبغي أن يتخلص من أن يكون جيش حزب أو شخص وأن يكون جيش الشعب والشعب وحده وأن يعرف مهمته الأساسية المتمثلة في الذود عن الوطن وحمايته وحماية الشعب.
* ما يحدث اليوم في صفوف الجيش هل يمكن أن يصل إلى صراع عسكري؟
- نأمل ألا يصل إلى ذلك ولكن الأمر يعتمد على ما يقرره النظام فإن أراد الزج بالبلد إلى أتون الصراع والقتال فإطلاق الرصاصة الأولى يكون سهلاً لكن إيقافها يكون صعباً.
*هل تعتقد أن النظام سيعمل على إطالة عمره بإيجاد صراع عسكري بين أطراف الجيش اليمني؟
- أعتقد أن الرئيس إذا تخلص من آراء من حوله لن يصل إلى هذا الحد.
*يعني لا زلت تراهن على أن الرئيس عقلاني؟
-أعتقد.. أعتقد وإن كنت ألومه في أنه لم يصدر إلى الآن قراراً باعتقال وتقديم من قتلوا أبناء الشعب اليمني إلى العدالة. . والحقيقة أن هذا مدخل على الرئيس وهي محل تهمة ولكنني أقول إذا استخدم علي عبدالله حكمته وذكاءه وعقله فإنه سيبادر إلى الاستجابة للشعب.
* كيف تنظر إلى موقف اللواء علي محسن الأحمر ؟
- الحقيقة موقف وطني شجاع يشكر عليه هذا الرجل ، وليس غريبا عليه فالرجل مشهود له بالوطنية ، وهو شخصية عسكرية وشخصية سياسية واجتماعية، له مكانته وله ثقله بين أبناء المجتمع اليمني ومعروف عند أبناء اليمن في السلم وفي الحرب و الذي زاد من مكانته عند أبناء الشعب اليمني هو موقفه الحر والانحياز إلى الشعب.
*هل تتواصلون معه؟
-نعم لنا تواصل معه ونسانده في كل ما من شأنه أن يدعم ثورة الشعب ، ويساهم في تثبيت الأمن والاستقرار.
*ما رأيك في محاولة الاغتيال التي تعرض لها؟
- هذه جريمة شنعاء والحقيقة موقف علي محسن لا يستحق ذلك ، هي جريمة في حق الرجل وفي تاريخ اليمن وفي أخلاقيات وقيم أبناء اليمن، فأن تتحرك وساطة وأن يكون في أوساطها من يسعى لاغتيال طرف من الأطراف هذه من الجرائم التي طرأت على المجتمع اليمني وعلي محسن موقفه لم يكن معادياً وإنما انحاز إلى الشعب وهذا أمر طبيعي كونه أحد القادة العسكريين المشهود لهم بالوطنية ولم يقل أكثر من (سلمية سلمية ).
* من وجهة نظرك كيف يمكن أن تدار المرحلة الانتقالية عقب سقوط النظام؟
-لا أعتقد أن المسألة فيها صعوبة بالقدر الذي يطرح، فإذا تولى الأمر مجلس انتقالي يتم من خلاله إجراء تعديلات دستورية وانتخابات مبكرة، فوجود حكومة وطنية انتقالية لا أعتقد المسألة فيها صعوبة على الإطلاق.
*كيف تنظر إلى شكل النظام السياسي في اليمن مستقبلاً؟
- قضية النظام الرئاسي معمول به في كثير من دول العالم ، وقضية النظام البرلماني معمول به وإنما أنا أميل للنظام البرلماني.
*لماذا؟
-لأنه أنجح و أقرب إلى رقابة المؤسسة من غيره.
*ما هي نظرتك للفيدرالية وأيهما أصلح لليمن فيدرالية كأقاليم أو حكم محلي كامل الصلاحية في المحافظات أو فيدرالية بين شمال وجنوب؟
-أعتقد أن كل تلك التقسيمات ستسقط بسقوط النظام، كل هذه المقولات مسألة الفيدرالية وغيرها... طبعا لا بد للحكم أن يقوم على أسس سليمة وأن نعطي الأقاليم أو المحافظات حقها ولا بد أن تلغى المركزية، لكن في ظل دولة نظام وقانون، في ظل دولة يكون القضاء فيها مستقلاً، ويكون فيها الجيش حامي حمى الشعب لا يكون لشخص ويصبح الناس كلهم سواء تحت مظلة العدل والمساواة والمؤسسات .. يا أخي قيام دولة المؤسسات سيلغي هذه القضايا .
* انضم رجال القبائل اليمنية إلى الثورة السلمية بدون سلاح ما الذي يعنيه ذلك التوجه؟
- الشعب اليمني يرتبط بتاريخه وأنه شعب بحق حضاري رغم ما مر به من فترات تجهيل وتضليل وتأخر في مجالات عدة إلا أنه شعب مرتبط بتاريخه وأثبت للعالم أنه شعب متحضر وأنه مستعد لبناء دولة مدنية حديثة وما وجود هؤلاء القبائل التي تتكلم عنهم في الساحات بصدور عارية إلا دليل على هذا.. ولعلك رأيت ما حصل في محافظة الجوف وهي محافظة مسلحة ومعروفة بهذا الموضوع ونرى أحدهم وهو يصاب بطلقة رصاص من أفراد الأمن وهو يقول سلمية سلمية، ولم يكن بينه وبين سلاحه إلا عدة أمتار في سيارته ، وهو ينادي بالسلمية، ألا يعني هذا أن الشعب اليمني وقبائل اليمن قبائل متحضرة وقابلة لإقامة دولة حديثة تقوم على أساس العدل والمساواة؟!.
* لكن هناك من يرى أن القبيلة قد تشكل عائقاً أمام طموح ثورة الشباب في بناء دولة مدنية، لأن القبيلة تحرص على عدم غياب دورها وتغيب سلطة الدولة ونفوذها السياسي والأمني؟
- هذه فزاعة مشبوهة أعتقد أن الواقع يدحضها من خلال تلاحم أبناء اليمن بكل شرائحه، ففي الساحات القبيلي الذي يستطيع أن يحمل السلاح وترك سلاحه وهو في الساحة وفي الساحات المثقفون والفنانون والمبدعون وفيها السياسيون وفي الساحات العمال، كل الشعب بكل شرائحه المهنية والاجتماعية وها هي تجتمع تحت مظلة واحدة وتنادي بالتغيير وتنادي بإقامة الدولة المدنية.
* بعض المراقبين يرى في أن المشكلة أن بعض المشائخ يحاولون أن يضعوا القبيلة كبديل لمؤسسات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها وهذا قد يتحقق لهم بمجرد حدوث الفراغ السياسي للدولة؟
- هذا متى تلجأ القبيلة لمثل هذا في حالة غياب الدولة غياب النظام والقانون، تضطر ومكرهة لهذا لكن في حالة وجود المؤسسات، دولة العدل، دولة النظام والقانون ، الدولة التي يشعر الجميع فيها أنهم يأخذون حقوقهم بالنظام والقانون .. في اعتقادي -وأنا واحد من هذا الوسط- أن القبائل والشعب اليمني كله ينتمي إلى قبائل يعتبرون أن هذه الشبهة مدحوضة تماما ولا أساس لها من الصحة، وأنهم ـ أي القبائل ـ سيثبتون ـ متحدياً بها التاريخ ـ أنهم من أقرب الناس إلى المجتمع المدني إن وجدوا دولة العدل والقانون، دولة المساواة.
*يعني فقط هم يبحثون عن دولة النظام والقانون؟
-نعم.
*حاليا هناك انقسام في الوسط القبلي بين مؤيد للسلطة ومعارض لها وهذا ما يعتبره البعض أنه قد يدخل الأزمة اليمنية نفقا مجهولا.. ما رأيك؟
-هذا أمر طبيعي أن يختلف الناس لكن المسألة تحكم بالأغلبية وتحكم المسألة بين الحق والباطل وبين الخطأ والصواب هذا الفيصل في الأمر، أما مسألة أن نحكمها برغبة فلان أو علان من الناس قد لا تجتمع الناس على كلمة لكن أين الأغلبية وما هي مطالبها ومن الطبيعي أن يوجد معاونون للنظام من مستفيدين ومتنفذين وهذا أمر طبيعي وأن يحافظوا على هذا.
*هل قد يقود ذلك إلى مواجهات قبلية بين القبائل المؤيدة والمعارضة؟

 - لا أعتقد أبداً.. لأن القبائل اليمنية تخشى أن يبقى ثأر بينها لأسباب نظام أو سلطة معينة، فالقبائل اليمنية عقلاء ولعلك تلاحظ ما يحصل منهم في الساحات الآن.
*هل لا يزال النظام يراهن على الورقة القبلية وخصوصا في مأرب؟
- سقطت ولله الحمد ... وها هم قبائل مأرب يحمون المعسكرات ويحمون المنشآت ويحمون الطرقات بما أوتوا من جهد وهذا دليل على أن هذه الفزاعة بإذن الله انتهت.
*كم هي النسبة التي تعطيها لمساندي ثورة الشباب من مشائخ وأعيان مأرب وكم مؤيدو النظام؟
-أعتقد أنك كصحفي وإعلامي تستطيع من خلال اللقاءات ومن خلال المؤتمرات ومن خلال وجود الناس في الاعتصامات كماً ونوعاً أن تميز كم مع الثورة وكم مع النظام.. المسألة في مأرب معروفة بالأسماء، الناس متعارفون ويعرف بعضهم البعض عن قرب وعن كثب فالأسماء التي تقف مع النظام معروفة، أسماء بعدد الأصابع ولهم مكانتهم ونحترمهم لكن هذه هي الحقيقة، إنما الأغلبية تقف مع الثورة ومع الشباب.
*أنت شخصيا هل يتواصل معك الرئيس صالح؟
- لي فترة طويلة لم أتواصل معه رغم أنه تواصل معي في بداية الأزمة وحاول أن يتصل بي فاعتذرت لأن الأمر لم يعد قابلاً للمجاملة فالأمر جد والشعب حزم أمره ومن الصعب أن يتخلى شخص من الشعب عن شعبه وينحاز إلى شخص أو إلى نظام.
*يعني حاول الرئيس الاتصال بك؟
-نعم حاول الاتصال عبر أشخاص أصدقاء ويعزون علينا كثيراً وعليه وحاولوا أن يتصل بي إلا أني اعتذرت.
* حتى العام 2003م كنت عضواً في مجلس النواب عن المؤتمر الشعبي العام هل لا زلت تنتمي للحزب؟
-أنا انسحبت من المؤتمر من أواخر التسعينيات ولم تعد لي به أي صلة.. وذلك عندما رأيت المؤتمر ينحو مناح خاطئة مع الأسف في كثير من التصرفات، فرأيت أن انسحب منه وابتعدت من ذلك الحين وطلب مني أن أترشح باسم المؤتمر في 2003م فرفضت رفضاً مطلقاً.
*يعتقد الكثيرين أن البيئة القبلية مأرب وشبوة والجوف وأبين تشكل بيئة آمنة للقاعدة هل من تفسير؟
-أولا هذا التقييم خطأ وأن هذه البيئة ترفض القاعدة أو أي حركات متطرفة بأي حال من الأحوال إلى أي جهة كانت تنتمي وأعتقد أن العدد لا يتجاوز أصابع اليد إن وجد.. وأؤكد أن هذه فزاعات النظام التي يسوق بها هذه المحافظات ، وقد قلنا سابقاً هذا الموضوع ليس له أساس من الصحة ، ويقصد به الابتزاز لهذه المحافظات كون هذه المحافظات فيها الثروة والقبائل مسلحة وعمل النظام خلال هذه الفترة الطويلة في السنوات الماضية على أن يعلق هذه الفزاعة أو الشماعة بهذه المحافظات .
*يعني وجود النظام يشكل بيئة مناسبة للقاعدة؟
- هذا هو الصحيح بشكل أو بآخر.
*هل يمتلك المشائخ القدرة على مكافحة القاعدة أو الحد من نفوذها؟
- يا أخي قضية المنظمات سواء القاعدة أو غيرها لا تستطيع فئة أو حزب أو قبيلة مكافحتها لوحدها.. المسألة تحتاج إلى أن تقف الدولة بكل مؤسساتها وبكل ما تملك من قوة، لأن المسألة أحيانا فكرية وأحيانا توجيهية وأحيانا أمنية وأحياناً سياسية، فالمسألة تحتاج إلى جهود متكاملة ترعاها الدولة وتكون الدولة على رأس من يقف أمام هذه المنظمات ، وإنما للقبائل دور في حماية مناطقهم وحماية بلادهم وهذا ما هو حاصل الآن.
*يقال إن مشائخ مأرب يتقاسمون نسبة من إيرادات النفط ما مدى صحة ذلك؟
-لا أساس له من الصحة.
*يعني لا يصلهم شيء؟
-لا أساس له من الصحة، لا يصلهم إلا التعب والنصب، لا يصلهم إلا أن يقفوا بأموالهم وبأحوالهم لمراضاة قبائلهم وحماية هذه المنشآت.
* وماذا عن توزيع وظائف شركات النفط ونصيب القبائل منها؟
- عند بدء شركات النفط وضعت شروط أن تكون الأولوية لأبناء مأرب إلا أنها تلاشت هذه الأولوية وحصل التفاف عليها من قبل الدولة وحازت أبناء مأرب إلى النسبة الضئيلة جداً، وفي آخر العشر السنوات الأخيرة أصبح لا يوظف إلا من ارتبط بأحد الأجهزة الأمنية، وإذا لم يكن مرتبطاً بهذه الأجهزة فلا مكان له ولا مجال في الشركات أو أي أعمال أخرى.
*هل كانت هناك من آلية مكتوبة أو اتفاقية؟
-كانت هناك اتفاقيات تعطي الأولوية لأبناء مأرب وتوجيهات رئاسية وتوجيهات من رئاسة الوزراء.
*ما تفسيرك لضعف التنمية في مارب وحرمانها طوال هذه العقود؟
-تجاهل الدولة والنظام لهذه المحافظة رغم المطالبات ، أبناء مأرب طالبوا كثيرا وتقدموا بمطالباتهم على مستوى فردي وجماعي وعبر قنوات كثيرة آخرها ملتقى مأرب الذي عقد في 2007م ، وطالب بمطالب شعبية كبيرة مثل قضية التنمية وحدد في رؤيته أن وجود الاستقرار مرتبط بوجود تنمية شاملة في المحافظة لكن مع الأسف لم نجد آذانا صاغية.
* في تقرير المجلس التنفيذي لاجتماع الهيئة العليا في مارس العام الماضي كان هناك حديث عن قضية تحويل الملتقى إلى حامل سياسي اجتماعي لمأرب إلى أين وصلتم في هذه النقطة تحديدً؟
- الملتقى الحقيقة يقوم بدور طيب على المستوى الخاص ما يتعين عليه أن يقوم به في المطالبات باسم المحافظة وفي قضايا الشأن العام فله دوره في كل هذه القضايا السياسية والمطلبية وإذا رجعت إلى أدبيات الملتقى ستجد الجواب الشافي.
* المنشآت النفطية في مأرب هل ستكون في مأمن من التخريب في حال تفاقمت الأوضاع لا قدر الله مستقبلا؟
- بإذن الله تعالى .. الناس وبالذات أبناء المحافظة اتفقوا على أن يقفوا دون هذه المنشآت وأن يحموها مما يحمون منه بيوتهم وأبناءهم وإخوانهم ويعتبرون المنشآت منشآت الشعب والوطن.
*ما هي الآلية لتلك الحماية ؟
-طبعا.. بدأوا الآن وهم متواجدون في المناطق المجاورة لكثير من المنشآت بغرض الحماية.
*هل كلجان شعبية؟
-يعني هم الآن يعملون في حالة سقوط النظام أو حدوث خلل في الدولة على القيام بدورهم من أجل حماية المنشآت والممتلكات العامة والخاصة.
* وهل هناك اتفاق بين المؤيدين والمعارضين على ذلك؟
- هذه النقطة الوحيدة التي توافقوا عليها وهناك اتفاق أن يحموا المنشآت جميعاً.
*متى برأيك سيغادر أبناء مأرب مربع الثارات والصراعات القبلية؟
- عند وجود دولة النظام والقانون والعدل والمساواة.
*هل تحلم بهذه الدولة؟
-الطموحات والأهداف التي قامت عليها ثورة الشعب، ثورة الشباب بإذن الله أنها ستلبي الطموحات إذا تحققت هذه الأهداف.
*هل لكم أي تواصل بقيادة معارضة الخارج؟
-نعم أنا أتواصل مع قيادة معارضة الخارج والداخل ونتناصح مع الجميع في قضية الحفاظ على اليمن في قضية الوقوف صفا واحداً لإيجاد دولة النظام والقانون، لإيجاد دولة تليق باليمن، لإيجاد دولة ترتقي باليمن ليس إلى مصاف الدول المتقدمة وإنما إلى مصاف الدول ولو حتى في حدها الأدنى.
* السؤال السابق هو حول تواصلك تحديداً مع الشخصيات المعارضة في الخارج ؟
ـ مثل من .
* علي ناصر محمد والعطاس وغيرهما؟
-نعم .. لي تواصل جيد مع الرئيس علي ناصر محمد، ونتواصل في كل الأحداث
*متى آخر مرة تواصلت مع علي ناصر ؟
-تواصلت معه بداية الأزمة.
*هل يمكن أن تطلعنا على مجمل ما دار بينكما؟
- حول الحفاظ على وحدة اليمن وضرورة التغيير.
* وبالنسبة للعطاس ومحمد علي أحمد وصالح عبيد؟
- تواصلنا معهم حول قضايا اليمن ،حول الوحدة.. و الحقيقة أن أبناء الجنوب أكثر وحدوية منا،لكن مع الأسف واجهوا نظاماً أقصاهم وهمشهم وأبعدهم كثيرا والتف عليهم.
*ماذا لمست من تلك القيادات بخصوص الوحدة؟
- الكل يقول إن وجد التغيير فالوحدة لا غبار عليها، ولا ضرر سيطالها بإذن الله ولا خطر عليها على الإطلاق.
*وهذا موقفهم؟
-نعم موقفهم، إن وجد التغيير ودولة نظام وقانون فإن اليمن سيظل موحدا بإذن الله إلى الأبد.
* كيف تنظر إلى الثورة العربية من تونس إلى مصر إلى اليمن؟
- في الحقيقة جاءت تلك الثورات في الوقت المناسب وهي لم تكن وليدة الساعة ولم تكن بعاطفة ولا تأثر كما يصورها البعض.. هي نتيجة معاناة ونتيجة رص صفوف عقود من الزمن ولسنوات طويلة والشعوب ترص صفوفها وتتأهب لتلك اللحظة ، إلا أن الذي أثار الأمر وفي مصر بالذات قضية الانتخابات وذلك التزوير الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً والذي أقصى كل القوى الفاعلة في مصر فكانت تلك القضية من الأسباب المعجلة بالثورة..الثورات العربية الموجودة مروراً بتونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها من البلدان هي نتيجة معاناة طويلة، والشعب العربي يتوق إلى الحرية، يتوق إلى بناء الدولة المدنية إلى دول توجد فيها تنمية شاملة إلى دول ترقى بالوطن العربي إلى مصاف الدول، والوطن العربي يمتلك من الثروات والمكان الجغرافي ومن قدرات الإنسان ما يمكنه من التطور والرقي إلى أبعد من الواقع المعاش.
*هل يمكن أن تعم رياح التغيير الوطن العربي؟
- تختلف الدول العربية من دولة إلى أخرى وكل بلد وله خصوصيته لكن بعض الجمهوريات التي أصبحت وكأنها ملكية لعائلة معينة كانت شعوبها السباقة.. بمعنى أن الدول التي كانت تدعي أنها دول جمهورية وديمقراطية وهي ملك لعائلة أو أسرة خاصة، سبقت غيرها من الدول إلى طريق التغيير.
*كلمة أخيرة؟
- أوجه كلمتي لعلي عبدالله صالح وأنصحه ألا يستمع إلى أولئك النفر الذين لا هم لهم سوى مصلحتهم الخاصة وأن ينظر إلى مصلحة الشعب وأن يدرك تماما أن الشعب لا يقهر ولا يلوى ذراعه وأن يترك المكابرة والمقامرة، فهو لا يتنافس مع قائد عسكري ولا يتنافس مع شيخ قبيلة ولا مع حزب معين ولا مع منطقة معينة متمردة ، وإنما مع الشعب اليمني بأكمله وبكل فئاته وكل شرائحه .. فأرجو أن لا يختم حياته بزيادة الكلفة وزيادة من الدماء بين أبناء اليمن وأن يبقي على ما تبقى من تاريخه وأن يستجيب لأبناء شعبه.
أما رسالتي إلى شباب الساحات فأقول لهم أنتم من شرف اليمن وشرف تاريخ اليمن ، وعليكم الصمود واستمروا في سلميتكم فإن سلمية الثورة جعلت العالم أجمع ينظر إلى هذا الشعب اليمني الذي يقال عن امتلاكه 60 مليون قطعة سلاح والذي يقال عنه شعب تحكمه القبيلة وتتفشى في أوساطه الغوغاء .. أثبت للعالم أنه قادر أن يجلس ويعتصم في الساحات وأن يثبت فيها لشهور من الزمن ومستعد للمواصلة أكثر وينادي بـ (سلمية سلمية) إنها مفخرة والله .. وإننا ندعوهم ونشد على أيديهم ونقول لهم الصمود والصبر والثبات على نهجكم السلمي الرائع.

انهيار غير مسبوق في صفوف الحوثيين والعد التنازلي يبدأ نحو التلاشي

كان أدق توصيف لظاهرة التمدد الحوثي المسلح في اليمن هو وصف السياسي المخضرم محمد محمد قحطان حين وصفها بـ»الانتفاشة»، حيث أوجعهم كثيرا بهذا التوصيف الدقيق، فأوجعوه تنكيلا بالاعتقال والتعذيب في معتقله منذ الأيام الأولى لاجتياحهم العاصمة صنعاء والذي ما زال حتى الآن يدفع الثمن غاليا في غياهب المعتقل الحوثي.
المتمردون الحوثيون الذين برزوا فجأة إلى المشهد العسكري اليمني خلال العام 2014 بقوة خرافية التهمت القوة القبيلة وابتلعت جيش الدولة، لتجتاح العاصمة صنعاء والعديد من المدن، الواحدة بعد الأخرى، وكأنه جيش هولاكو، ولكن كما يبدو أن هذه الظاهرة المسلحة المدمّرة التي صعدت بسرعة إلى السطح بدأت بالتلاشي والزوال بذات السرعة.
التقدم العسكري الكبير الذي بدأت القوات الحكومية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي تحققه باتجاه العاصمة صنعاء خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت تدق أجراس الخطر على الحوثيين والذين بدأوا بشد الرحال عن العاصمة صنعاء بشكل تدريجي، إما داخليا أو خارجيا.
وتوالت الانهيارات النفسية لدى الحوثيين مع الانهيارات العسكرية وخلقت نوعا من الارتباك حتى في الأداء السياسي، والتي دفعت بهم إلى عرقلة مباحثات السلام التي كان من المقرر أن تعقد جولتها الثالثة منتصف الشهر الماضي وتم تأجيلها لأجل غير مسمى إثر رفض الحوثيين لذلك، بسب انهيار قواتهم المسلحة وفقدان المكاسب العسكرية التي حققوها على الأرض خلال عامي 2014 و2015.
وتزامن هذا الانهيار العسكري والميداني للتمرد الحوثي مع التسارع في خلخلة العلاقة مع الحليف العسكري وهو الرئيس السابق علي عبدالله صالح وقوات الحرس الجمهوري الموالية له والتي بناها خلال فترة حكمه على أساس الولاء لعائلة صالح وليس على أساس وطني لحماية البلد. 
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان لـ«القدس العربي»: «اعتقد أن الانهيارات سوف تنطلق بشكل واضح مع تقدم الجيش الوطني والمقاومة متزامنا مع انضمام قطاعات من الحرس الجمهوري لقوات السلطة الشرعية وكذا إعلان انضمام عدد من القبائل لدعم سلطة الشرعية».
وأوضح «اعتقد أن مقادير القوة قد تغيرت على الجغرافيا اليمنية لصالح السلطة الشرعية ودول التحالف الأمر الذي لم يؤد إلى انهيار معنويات وقدرات الانقلابين من قوات الحوثيين وصالح فحسب، بل أدى إلى بروز الرهانات الأصل لكل طرف، وفك ارتباط غير معلن بينهما، أفصح كل منهم عن ذاته بمحاولات كل طرف اتخاذ أفعال تدل انه اللاعب الرئيس في المشهد العسكري».
وأضاف «اعتقد أن استعادة العاصمة صنعاء أصبح قاب قوسين أو أدني وهي معركة المخلوع صالح، حيث سينسحب الحوثيون إلى عاصمتهم الرمزية والدينية صعدة، وسيبقى صالح منفردا».
وأكد شمسان أن «المقاومة ستترجم في بقية المناطق لدحر الانقلابين مع تأييد ودعم شعبي كبير.. وبشكل ملخص أقول ان صنعاء ستعود إلى أحضان الدولة بسرعة تسليمها نفسها». 
مشيرا إلى أن معركة تحرير مدينة تعز ستنطلق مع اقتراب القوات المسلحة التابعة للسلطة الشرعية وتفكك الحزام القبلي حولها، «ما سيجعل المعركة ثلاثية صنعاء، صعدة وتعز».
من جانبه قال الكاتب السياسي عارف أبوحاتم لـ«القدس العربي» «ان الانهيارات العسكرية المتتالية مؤخرا لتحالف الحوثي/صالح تأتي في سياق مصفوفة خسائر متوالية، بدأت بخسارتهم أخلاقياً حين شنوا حربا شرسة ضد اخوانهم وأبنائهم اليمنيين».
وقال «من الطبيعي أن يستعيد الشعب دولته وعافيته ويكسر تحالف الشر الانتقامي.. وإن خسائر ميليشيا الحوثيين وصالح في معركة تحرير صنعاء ستكون محسومة لصالح شرعية الدولة، فقد جرب الناس سنة من حكم الميليشيا التي عجزت عن تحقيق الأمن لساعات وتوفير كسرة الخبز، فضلاً عن تحقيق الاستقرار والتنمية، والآن خرج الشعب يستعيد دولته».
وأضاف أبوحاتم «كان اليمن ما بعد صالح عبارة عن برميل بارود وحاول العقلاء تخفيف وتفكيك حمولة هذا البرميل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، إلاّ أن صالح والحوثي قلبا الطاولة في وجه الجميع وأخرجا مكدساتهم من السلاح والضغائن وفجروا هذه الحرب، وجلبوا هذا التحالف العربي لتحرير البلاد من شرورهم».
ويرى العديد من المراقبين أنه على الرغم من الآلام الكبيرة التي خلفتها هذه الحرب المجنونة التي شنها المتمردون الحوثيون مع حليفهم المخلوع صالح، إلا أنها كانت ضرورية لتفكيك البنية العسكرية التي صنعها صالح خلال 33 من حكمه بطريقة عبثية تخدم نظامه أكثر مما تخدم الوطن، وربما كانت هذه الحرب محطة إصلاح الوضع السياسي وتطهير الوضع العسكري من الأدران التي خلفها حكم صالح. 
وقال شمسان «أعتقد أن البناء لنظام صالح كان سوف يبقى لعقود طويلة في إطار جمهورية وراثية فلا يمكن موضوعيا افتكاك السلطة أو اختراقها من قبل الجماعات الوطنية المقصية من المشاركه أو التأثير في صناعة القرار وأعتقد ان هذه الحرب كانت فرصة لإعادة بناء عقد اجتماعي جديد ينظم العلاقة قولا وفعلا بما يؤسس لصياغة جمهورية ديمقراطية متينة».
وبالتوازي مع ذلك «كشفت ميليشيا الحوثيين أنها لا تمتلك مشروعا وطنيا بل مشروعا أماميا للعودة للسلطة من خلال آليات تأريخية للتعامل مع المواطنيين من حيث التوصيف وكيفية التعامل القائم على الاعدامات وتفجير البيوت ونهب كل مقومات الدولة من قبل السلالة وتحريمها على البقية».
وأكد أن هذه الحرب رغم كل الآلام التي واكبتها تظل «فرصة ليس فقط للقطع مع هياكل المخلوع صالح بل أيضا للقطع نهائيا مع عودة المشروع الإمامي.. انها فرصة أمام الشعب اليمني والســلطة الشرعية والنخب الســــيـــاسية والمدنية لإعادة بناء الــــدولة والوطن ليتأسس على القــــطع مع المشـــــروع العائلي لدى صالح والسلالي لدى الحوثيبن».

السبت، 21 مارس 2015

‬حذار سيل الدم اليمني

‬حذار سيل الدم اليمني

أحمد الجار الله
رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية

كأن السعادة جرفت عن اليمن مع انهيار سد مأرب, فمنذ ذاك التاريخ هذه البلاد غارقة في الحروب والنزاعات, وربما أكثرها خطورة ما يجري اليوم, فاذا كان انهيار السد فرق القبائل وشتتها في العالم العربي, فان انهيار اليمن اليوم سيجعل سيل الدم العرم يطال المنطقة ككل, فالى متى ستبقى الدول المعنية مكتوفة الايدي, ترى النار تقترب منها, وتتدحرج نحوها عبوات الفتن الناسفة ولا تحرك ساكنا؟

أمس قلنا ان على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التخلي عن سياسة الاستنكار والادانة, والنأي بالنفس عما يجري من مذابح في تلك الخاصرة, فيما كانت العبوات الناسفة تحصد أرواح العشرات من اليمنيين في مساجد عدة بالعاصمة صنعاء, هذه العبوات تؤسس لحرب مذهبية, تماما كما يجري في العراق الذي تركته دول الخليج لايران طوال 12 عاما تعيث فيه كما تشاء, الى ان اندلعت نيران الثأر بين السنة والشيعة, ودخلت بلاد الرافدين نفق حرب الالف عام.

واذا كان التاريخ كتب عن القبائل التي تفرقت أيدي سبأ قديما, فإنه أمام هول المقتلة الحالية سيكتب كثيرا عن سيل الدم الذي سينطلق من صنعاء ليطال كل هذه العواصم اذا لم تستدرك الامر, وتعمل على حماية نفسها من خلال حماية الشرعية اليمنية أولا, والحفاظ على وحدة اليمن عبر ضرب كل المشاريع التقسيمية التي تطبخ على نار الجثث البريئة, لتحقيق الجزء الخاص من المشروع الامبراطوري الساساني الجديد للمنطقة بأدوات يمنية.
صحيح, خيرا فعل الرئيس عبد ربه منصور هادي بخروجه من صنعاء, وإعلان عدن عاصمة سياسية موقتة, فبذلك استعاد المؤسسات الشرعية وأخرجها من دائرة سيطرة الانقلابيين الحوثيين, لكن اذا كان هادي الداعي دائما الى الحوار بين الاطراف اليمنية ولا يريد دماء, عليه إدراك ان الدم فرض عليه منذ اللحظة التي تحركت فيها ميليشيات الحوثيين نحو صنعاء, بل في تلك اللحظة فرض الدم على اليمنيين كافة, ومعهم دول “مجلس التعاون” لان تلك العصابة دفنت المبادرة الخليجية, وأهالت عليها تراب التحدي.

اليوم, ها هم يهددون عدن العاصمة الموقتة, والمجازر تتنقل من مدينة الى أخرى, فيما دول الخليج لا تزال تردد ان الشرعية اليمنية لم تطلب منها التدخل, بينما المطلوب منها ألا تنتظر طلبا للتدخل, فكما شنت الطائرات الاردنية والاماراتية والبحرينية غارات على تنظيم “داعش” في العراق حين أقدم مقاتلوه على حرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة, وكما كانت قوات درع الجزيرة بالمرصاد للتهديدات الايرانية للبحرين في اجراء استباقي لردع أدواتها التخريبية في هذه المملكة الخليجية, على دول “التعاون” اليوم ان تبادر الى عمل استباقي في اليمن, ينهي عصر التعاسة الدموي الذي يعيشه, لأن عودة السعادة الى اليمن تعني سعادة دول الخليج, فهل تدرك دولنا ذلك؟

الأربعاء، 18 مارس 2015

مراسلات بين د.محمدجميح ووزير الداخلية اللواء جلال الرويشان

بقلم / محمد جميح
بعد منشوري أمس "الحوثيون يخسرون"، والذي تعرضت فيه لذكر وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة جلال الرويشان، وانتقادي لموقفه من الانقلاب الحوثي، جاءتني رسالة على الخاص باسم الوزير، ومن صفحة باسم "جلال علي"، تحمل صورته، ولأن ما يأتي على الخاص يعد في حكم ما لا يجوز نشره إلا بإذن، فقد أرسلت له رسالة اضمن نشر رده علي على صفحتي إن اراد كحق له، ورد هو الأمر إلي، وهأنا أنشر ما دار هنا:

تقول الرسالة المرسلة إلي:

كنت وربما لا أزال من المعجبين جداً بكتابات وأراء وأفكار الكاتب المبدع محمد جميح .. ربما لأنه يكتب بشكل جيد . وربما لأنني أحب أبناء مأرب . وأبناء مدينة حريب بالذات .. ومع إيماني المُطلق بالحرية في الرأي والفكر والموقف السياسي . وأن من حق أي أحد أن يؤيد أو يناصر أو يتعاطف مع أي مكون أو اتجاه سياسي . فإنني ومن هذا المنطلق أتعهد لله أولاً ولضميري ثانياً أن لا أقف من أي شخص موقف الحب أو الكراهية تبعاً لاتفاقي أو اختلافي معه في الرأي .. ومن حق العزيز محمد جميح أن يصنفني كيف ما يشاء. وأن يضعني أين ما يشاء من التأييد أو الرفض لهذا الطرف السياسي أو ذاك . لأن هذا رأيه ولأن هذه وجهة نظره .. وليس مهماً ما سيظنه الناس بي . ولا كيف سيقيِّمون ما أقوم به . رائدي في كل شيء هو الله ثم الوطن ولا شيء سواهما .. غير أن ما لم يكن له مبرر هو أن يدعوني بغير إسمي . وأن يدَّعي أنني أسأت إلى أسرتي التي بالتأكيد لا يعرف العزيز محمد جميح الكثير عنها .. الإساءة إلى الأسرة يا عزيزي محمد تكون عندما لا تعمل على حقن الدماء وإصلاح ذات البين . الإساءة إلى الأسرة تكون عندما ترى بلدك وهي في مهب الريح ، أو قريبة من حافة الهاوية. ولا تعمل بكل ما تستطيع لمنع انهيارها .. ومع هذا سامحك الله يا أخي . فلا زال يحدوني الأمل بأن تتجاوز بلادي محنتها . وأن يكون ثمن ما بِي هو اليمن كله . اليمن بتاريخه وحصونه وقلاعه وجباله . اليمن بإنسانه الطيب الصبور القوي الجبَّار .. وسأبقى من المعجبين بكتاباتك . وستكشف لك الأيام كل شيء .

وهذا ردي على الرسالة أعلاه:

عزيزي جلال الرويشان
أشكر لك حسن تواصلك...
أنا في الحقيقة اتفق معك في ضرورة أن يكون الولاء لله والوطن هما القاعدة التي على أساسها يتم الانتماء...
ثانيا أنا قاريء جيد نسبيا لتاريخ الثورة اليمنية وأعرف بعض الأدوار التي قام بها آل الرويشان...
ثالثا انا عندما انتقدت جلال الرويشان، فأنا لا انتقده كشخص ولكن كمسؤول، وليس بيننا أية خلافات شخصية...
رابعا
لا أظنه يخفى عليك الحقيقة الناصعة المتمثلة في أن الحوثيين قاموا بانقلاب حقيقي على العملية السياسية برمتها...
وأي عمل يقومون به هو باطل دستوريا في نظري كونهم ليسوا سلطة منتخبة وكونهم خرجوا على ما توافق عليه اليمنيون في الحوار الوطني...
خامسا
ساءني والله ان يكون رجل بحجمك وما تمثله من إرث أسري منطويا تحت قيادة رجل لا يحمل أي مؤهل الا القدرة على خداع الناس باسم أهل البيت...
أنت أكبر من عبدالملك فلماذا تعطيه الشرعية التي يفتقدها؟
عملك اليوم لا دخل له بواجبك الوطني في تصوري، بل الأصل أن ترك هذا العمل هو عين الواجب الوطني، وذلك بنزع الغطاء عن الانقلاب الحوثي الواضح...
خامساً
أرجو ان تراجع نفسك ، خدمة الوطن لا تكون بالعمل تحت توجيهات مجموعة سلالية مذهبية وانقلابية ، أنت تعرفها أكثر مني.
والله ما اكتب الا ما أراه صوابا، وما لي من حزب يوجهني او مطمع يغريني..
لا تدع الحوثي يأكل الثوم بفمك
أرجوك

نسيت أن أقول إنك حال رغبت بنشر ردك على صفحتي، فإنني سأفعل وهذا حقك...
وحال رغبت أن يبقى على الخاص فعلى الرحب

وجاء الرد باسم الوزير:

الخيارات لك يا دكتور
لك ان تنشر ردي وردك عليَّ
وربما أرى صواباً يحتمل الخطأ . وترى أنت خطأً يحتمل الصواب . مسافة صغيرة بين الآراء يجب أن نحافظ عليها جميعاً من أجل بلادنا

وختمتها بالرد الآتي:

لتكن مشيئة الله...
كنت فقط أريد ألا تكون وزير داخلية عبدالملك وعصابته...
بحق الله
وحق ثورة سبتمبر التي شارك فيها أهلك أن تنحاز لضميرك وللبسطاء أمثالي الذين يحلمون بوطن خالٍ من المليشيات الدينية...
الأفق مسدود أمام الحوثيين...
وجودي في الخارج يجعلني أرى الأشياء بعين أخرى...
أقابل كل يوم كثيراً من الأشقاء العرب وغيرهم...
من يعرفك يتعجب من موقفك...
صدقني إن الطريق الذي تسير فيه مسدود...
وإذا ظللت متمسكاً بموقفك، فلا أحد يستطيع إجبارك على غير ذلك...
ستكون مهمتي صعبة في انتقاد مواقفك فيما بعد نظراً لجميل تواصلك، لكني على عهد مع نفسي ألا تكون صعوبة المهمة سبباً في تركها...
وكما كنت حراً في اختيار بقائك مع الحوثيين، فلي الخيار في أن انتقد ما يقوم به الحوثيون ومن يعمل معهم...
لك تحية يمنية خالصة

الشيخ الشليف يؤكد على ضرورة تمثيل قبائل مأرب في حوار الرياض

http://marebonline.com/?p=1514

الأربعاء، 11 مارس 2015

مأرب .. كرنفالات المغرم والمغنم 4 - 4

علي الغليسي
كانت مشكلة الكهرباء واحدة من أعقد المشاكل في مصدر الطاقة الكهربائية للجمهورية ، ووضعها المحافظ العراادة كأولوية حولها إلى توجيه رئاسي مباشر في إبريل وهو ذات الشهر الذي تسلم خلاله العمل من العام2012م ـ وقضى توجيه الرئيس هادي بتوفير طاقة مؤقتة لمحافظة مأرب بلغت حتى 2015م (42) ميغا وات  وساهمت في تغطية ما نسبته 70% من المحافظة بالكهرباء في مديريات ( مدينة مأرب ، مأرب الوادي ، صرواح ، مدغل ، رغوان ، مجزر ، حريب ، الجوبة ، جبل مراد ، أجزاء من مديرية رحبة ) وكذا أجزاء من مديرية عين التابعة لمحافظة شبوة .
وبإمكانكم المقارنة بين (4) ميغا كانت تحصل عليها المحافظة لمدينة مأرب وما تم توفيره خلال مرحلة انتقالية عانت وتعاني فيها عاصمة البلد وحواضر اليمن الرئيسية من الانطفاءات المتواصلة ، ناهيكم عن انتظار وعود الإنارة من العام 2008م والإضاءة بوعود حكومية ورئاسية (لن تتم إنارة صنعاء حتى تصل الكهرباء كل بيت في مأرب) دون أن يكلف أحد نفسه في الماضي عناء السؤال والاستفسار عن ماهية الإجراءات العملية لتحويل تلك المواعيد إلى واقع ، ليضع وزير الكهرباء والمحافظ العرادة في 16/يونيو/2012م حجر الأساس لمشروع المحطة التحويلية التي ستغذي مديريات مأرب بالكهرباء الغازية بقدرة توليدية تصل إلى (100) ميغا وات وبتكلفة اجمالية تصل إلى (40) مليون دولار، مع استخراج تحسين للشبكات الداخلية بالمديريات بمبلغ سبعة مليون دولار ، نظراً للاختلالات التي رافقت انجاز شبكات المديريات نهاية العام 2007م بالتكليف المباشر لأحد المقاولين والتي بلغت تكلفتها حوالي (11) مليار ريال ذهبت لتحسين الأرصدة وظلت المشكلة قائمة.

تابعوا .. خلال ثلاث سنوات فقط ، هناك (240) طالباً يدرسون في جامعات ومعاهد مهنية مع توفير سكن جامعي بالعاصمة صنعاء ، ناهيكم عن استخراج توجيهات رئاسية إلى المجلس الأعلى للجامعات بشأن اعتماد جامعة مأرب مع إدراج شراء أرضية الجامعة والسور والبوابات ضمن مشاريع التنمية 2013م كمشروع استراتيجي يتم إنجازه على مراحل ، غير أن المشاكل المتراكمة لكلية التربية والآداب والعلوم استهلكت الكثير من الجهد والوقت حتى حصل على توجيهات رئاسية بسداد مديونية الكلية البالغة (62) مليون ريال واعتماد (150) مليون ريال كميزانية تشغيلية ، مع صرف أربعة وعشرين مليون ريال من ميزانية السلطة المحلية لمعالجة اشكاليات مالية طارئة، بالإضافة إلى الحصول على ثلاث حافلات نقل للكلية من شركة صافر بعد أن ظلت الكلية معتمدة على حافلة واحدة أهدتها مجموعة هائل سعيد،وكانت الحافلات ضمن مشاريع الشركة التعليمية المتمثلة في إنشاء سكن هيئة التدريس بالكلية والمركز الإداري والعلمي ، إلى جانب قيامها بتوفير أثاث مدرسي متكامل لكافة مدارس المحافظة بحوالي ثلاثمائة مليون ريال خلال العام المنصرم،بالإضافة إلى إنشاء قاعة تدريب تابعة لمكتب التربية من قبل شركة الغاز وتوزيع حوالي خمسة وعشرين ألف حقيبة مدرسية خلال العامين الماضيين، أما في مجال التعليم المهني كان المشروع الأبرز هو اعتماد إنشاء معهد حريب المهني والتقني للمساهمة في رفد المحافظة مستقبلاً بكوادر مؤهلة في مختلف التخصصات المهنية.

ليس من المناسب الحديث عن واجبات المسؤول كإنجازات باعتبارها من صلب عمله ، غير أن الجحود والنكران ومحاولة التقليل من جهود أي شخص لا تخدم الصالح العام بأي شكل من الأشكال،ولا ضير من توجيه النقد البناء لأي شخصية عامة مرتبطة بخدمات الناس ومسؤولة عن معالجة قضاياهم وتوفير احتياجاتهم الحياتية .
في العام 2013م تم إنشاء هيئة مستشفى مأرب العام بموجب توجيهات رئاسية بميزانية قدرها مليار ومائتين وسبعة مليون ريال بغرض تقديم خدمات صحية من قبل كادر مؤهل يصل إلى (42) أخصائياً وعدد من الممرضين والفنيين،وقد لامس ذلك الأمر احتياج المحافظة في الجانب الصحي وهو من أهم الجوانب التي كانت محط اهتمام وإشراف المحافظ العرادة بشكل مباشر،حيث سخر جهوده لتطوير ذلك المرفق الحيوي الهام من خلال توفير سيارة إسعاف عناية مركزة،واعتماد إنشاء مركز القلب الذي تبلغ تكلفته حوالي (11) مليون دولار والبدء في إنشاء مركز طوارئ متكامل ومبنى إدارة الهيئة، وإدراج مصنع الأوكسجين ومركز غسيل الكلى ومركز الحريق ضمن خطة الأولويات.

بالطبع ، كانت الكهرباء والصحة والتعليم وتأهيل الشباب ورفع عائدات التنمية وقيام الشركات بمسئولياتها المجتمعية الأولويات الخمس في رؤية محافظ مأرب سلطان العرادة التنموية ، وقد شهدت الثلاثة الأعوام التي مضت من عمر قيادته للمحافظة إحراز تقدم على مختلف الأصعدة ، وكان يحرص على استغلال الفرص والعمل دون كلل أو ملل لتحقيق إنجازات ملموسة والخروج بتعهدات والتزامات على الشركات العاملة وتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات من شأنها تعزيز التنمية وآخرها توقيع مذكرة تفاهم مع الشركة اليمنية للغاز المسال تقضي بإنشاء (30) مشروعاً بتكلفة إجمالية قدرها سبعة مليون دولار ، والحصول على موافقة وزارة الشباب والرياضة بإنشاء إستاد مأرب الدولي والشروع في تجهيز مدرجات ملعب رياضي بمدينة مأرب وتعشيبة ، مع صرف ثلاث حافلات بحسب توجيه رئاسي تم توزيعها على أندية سد مأرب والوطن بحريب وحافلة لمكتب الشباب بالمحافظة ، وينبغي أن نشير إلى الانتهاء من إنجاز مشروع مياه مديرية مجزر كواحد من أكبر مشاريع المحافظة ، مع اعتماد حوالي مائتي مليون ريال لإنشاء مشاريع مياه بمختلف المديريات ، كما أن الورشة التنسيقية لمشاريع التنمية بين السلطة المحلية والجهات الممولة التي عقدت في شهر أكتوبر من العام الماضي خرجت باتفاق مشترك لتمويل 152مشروعاً تنموياً من واقع خطط المديريات.

ما كنت لأتطرق لكل تلك التفاصيل لولا اقتضاء الضرورة لإطلاع الرأي العام على أبرز ما تم انجازه خلال تلك الفترة نظراً لعزوف المحافظ العرادة عن وسائل الإعلام وإصدار التوجيهات المتواصلة لكاتب هذه السطور بترك الميدان يتحدث وعدم الرد حتى على تخرصات الحاقدين الذين لا يروق لهم مشاهدة تلك النجاحات والمشاريع التنموية التي بلغت تكاليفها المعتمدة حوالي مائة مليون دولار في مرحلة انتقالية استثنائية شهدت خلال الثلاث السنوات الماضية حوالي (186) اعتداءً على أنابيب النفط وأبراج الكهرباء و(220) قطاعاً قبلياً أغلبها بدوافع سياسية ، وتلك الحالة الأمنية الصعبة والمعقدة لا يعرف التعاطي معها سوى الرجال الأقوياء ، ناهيكم عن جملة من القضايا الإدارية والكيد السياسي التي واجهت المحافظ واستطاع تجاوزها بتجاهلها،إذ لا يتصور عاقل أن يتآمر معظم مدراء المكاتب التنفيذية والمديريات ضد المحافظ ويعملون ليل نهار من أجل إفشاله ومع ذلك فضل الإبقاء عليهم بالرغم من مرور عشرات السنوات على وجودهم بتلك المناصب وتحمله مسؤولية فشلهم الإداري.

لا يمكن اختصار كرنفالات المغرم والمغنم في عشر سنوات رصدت معظم وقائعها وأحداثها ومواقف مختلف الشخصيات خلالها، لكنني مضطر لإنهاء هذه السلسلة بالكتابة عما عايشته عن قرب مع احتفاظي بالكثير من الأسرار التي سيتم نشرها في الوقت المناسب ، على أمل أن أجد الوقت الكافي لتحديث الكرنفالات والكتابة عنها بشكل أوسع.